قوله تعالى: { يستفتونك } في سبب نزولها قولان. أحدهما: أنها نزلت في جابر بن عبد الله. روى أبو الزبير " عن جابر قال: مرضت فأتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم يعودني هو وأبو بكر [وهما ماشيان] فوجدني قد أُغمي علي، فتوضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم صبَّ علي من وَضوئه، فأفقت، وقلت: يا رسول الله كيف أصنع في مالي وكان لي تسع أخوات، ولم يكن لي ولد؟ فلم يجبني بشيء، ثم خرج وتركني، ثم رجع إِليّ وقال: يا جابر لا أراك ميتاً من وجعك هذا، وإِن الله عز وجل قد أنزل في أخواتك، وجعل لهن الثلثين، فقرأ عليَّ هذه الآية: { يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة } " فكان جابر يقول: أنزلت هذه الآية فيَّ. والثاني: أن الصحابة أهمّهم بيان شأن الكلالة فسألوا عنها نبي الله، فنزلت هذه الآية، هذا قول قتادة. وقال سعيد بن المسيب: " سأل عمر بن الخطاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف نورث الكلالة؟ فقال: «أوليس قد بيّن الله تعالى ذلك، ثم قرأ: { وإِن كان رجل يورث كلالة } » فأنزل الله عز وجل { يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة } ". قوله تعالى: { إِن امرُؤٌ هلك } أي: مات { ليس له ولد } يريد: ولا والِد: فاكتفى بذكر أحدهما، ويدلُ على المحذوف أنَّ الفتيا في الكلالة، وهي مَن ليس له ولد ولا والد. قوله تعالى: { وله أُخت } يريد من أبيه وأُمه { فلها نصف ما ترك } عند انفرادها { وهو يرثها } أي: يستغرق ميراث الأُخت إِذا لم يكن لها ولد ولا والد، وهذا هو الأخ من الأب والأم، أو من الأب { فان كانتا اثنتين } يعني: أُختين وسئل الأخفش ما فائدة قوله «اثنتين» و«كانتا» لا يُفسّر إِلا باثنتين؟ فقال: أفادت العدد العاري عن الصفة، لأنه يجوز في «كانتا» صغيرتين، أو حرتين، أو صالحتين، أو طالحتين، فلما قال: «اثنتين» فاذا اطلاق العدد على أي وصف كانتا عليه. { فلهما الثلثان } من تركة أخيهما الميت { وإِن كانوا } يعني المخلفين. قوله تعالى: { يبيّن الله لكم أن تضلوا } قال ابن قتيبة: لئلا تضلوا. وقال الزجاج: فيه قولان. أحدهما: أن لا تضلوا، فأضمرت لا. والثاني: كراهية أن تضلوا، وهو قول البصريين. قال ابن جريج: أن تضلوا في شأن المواريث.