الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ ٱللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي ٱلْكَلاَلَةِ إِن ٱمْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَآ إِن لَّمْ يَكُنْ لَّهَآ وَلَدٌ فَإِن كَانَتَا ٱثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا ٱلثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِن كَانُوۤاْ إِخْوَةً رِّجَالاً وَنِسَآءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ ٱلأُنثَيَيْنِ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }

قوله تعالى: { يستفتونك } في سبب نزولها قولان.

أحدهما: أنها نزلت في جابر بن عبد الله. روى أبو الزبير " عن جابر قال: مرضت فأتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم يعودني هو وأبو بكر [وهما ماشيان] فوجدني قد أُغمي علي، فتوضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم صبَّ علي من وَضوئه، فأفقت، وقلت: يا رسول الله كيف أصنع في مالي وكان لي تسع أخوات، ولم يكن لي ولد؟ فلم يجبني بشيء، ثم خرج وتركني، ثم رجع إِليّ وقال: يا جابر لا أراك ميتاً من وجعك هذا، وإِن الله عز وجل قد أنزل في أخواتك، وجعل لهن الثلثين، فقرأ عليَّ هذه الآية: { يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة } " فكان جابر يقول: أنزلت هذه الآية فيَّ.

والثاني: أن الصحابة أهمّهم بيان شأن الكلالة فسألوا عنها نبي الله، فنزلت هذه الآية، هذا قول قتادة. وقال سعيد بن المسيب: " سأل عمر بن الخطاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف نورث الكلالة؟ فقال: «أوليس قد بيّن الله تعالى ذلك، ثم قرأ: { وإِن كان رجل يورث كلالة } » فأنزل الله عز وجل { يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة } ". قوله تعالى: { إِن امرُؤٌ هلك } أي: مات { ليس له ولد } يريد: ولا والِد: فاكتفى بذكر أحدهما، ويدلُ على المحذوف أنَّ الفتيا في الكلالة، وهي مَن ليس له ولد ولا والد.

قوله تعالى: { وله أُخت } يريد من أبيه وأُمه { فلها نصف ما ترك } عند انفرادها { وهو يرثها } أي: يستغرق ميراث الأُخت إِذا لم يكن لها ولد ولا والد، وهذا هو الأخ من الأب والأم، أو من الأب { فان كانتا اثنتين } يعني: أُختين وسئل الأخفش ما فائدة قوله «اثنتين» و«كانتا» لا يُفسّر إِلا باثنتين؟ فقال: أفادت العدد العاري عن الصفة، لأنه يجوز في «كانتا» صغيرتين، أو حرتين، أو صالحتين، أو طالحتين، فلما قال: «اثنتين» فاذا اطلاق العدد على أي وصف كانتا عليه. { فلهما الثلثان } من تركة أخيهما الميت { وإِن كانوا } يعني المخلفين.

قوله تعالى: { يبيّن الله لكم أن تضلوا } قال ابن قتيبة: لئلا تضلوا. وقال الزجاج: فيه قولان.

أحدهما: أن لا تضلوا، فأضمرت لا. والثاني: كراهية أن تضلوا، وهو قول البصريين. قال ابن جريج: أن تضلوا في شأن المواريث.