قوله تعالى: { واللذان } قرأ ابن كثير: «واللذانِّ» بتشديد النون، «وهذانِّ» في { طه } و { الحج } «وهاتينِّ» في { القصص }: «إِحدى ابنتيَّ هاتينِّ» «وفذانِّك» كله بتشديد النون. وقرأ نافع، وعاصم، وابن عامر، وحمزة، والكسائي، بتخفيف ذلك كله، وشدد أبو عمرو «فذانِّك» وحدها. وقوله: واللذان: يعني الزانيين. وهل هو عام، أم لا؟ فيه قولان. أحدهما: أنه عام في الأبكار والثُّيَّب من الرجال والنساء، قاله الحسن، وعطاء. والثاني: أنه خاص في البكرين إِذا زنيا، قاله أبو صالح، والسدّي، وابن زيد، وسفيان. قال القاضي أبو يعلى: والأول أصح، لأن هذا تخصيص بغير دلالة. قوله تعالى: { يأتيانها } يعني الفاحشة. قوله: { فآذوهما } فيه قولان. أحدهما: أنه الأذى بالكلام، والتعيير، رواه أبو صالح عن ابن عباس، وبه قال قتادة، والسدي، والضحاك، ومقاتل. والثاني: أنه التعيير، والضرب بالنعال، رواه ابن أبي طلحة، عن ابن عباس. { فان تابا } من الفاحشة { وأصلحا } العمل { فأعرضوا } عن أذاهما. وهذا كله كان قبل الحد. فصل كان حد الزانيين، فيما تقدم، الأذى لهما، والحبس للمرأة خاصة، فنسخ الحكمان جميعا، واختلفوا بماذا وقع نسخهما، فقال قوم: بحديث عبادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " خذوا عني خذوا عني، قد جعل الله لهن سبيلا، الثَّيِّب بالثَّيب جلد مائة، ورجم بالحجارة، والبكر بالبكر جلد مائة، ونفي سنة " وهذا على قول من يرى نسخ القرآن بالسنة. وقال قوم: نسخ بقوله:{ الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة } [النور: 2] قالوا: وكان قوله: { واللذان يأتيانها } للبكرين، فنسخ حكمهما بالجلد، ونسخ حكم الثيّب من النساء بالرجم. وقال قوم: يحتمل أن يكون النسخ وقع بقرآن، ثم رفع رسمه، وبقي حكمه، لأن في حديث عبادة " قد جعل الله لهن سبيلا " والظاهر: أنه جعل بوحي لم تستقر تلاوته. قال القاضي أبو يعلى: وهذا وجه صحيح، يخرج على قول من لم ينسخ القرآن بالسنة. قال: ويمتنع أن يقع النسخ بحديث عبادة، لأنه من أخبار الآحاد، والنسخ لا يجوز بذلك.