الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي ٱلْكِتَٰبِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ ٱللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِّثْلُهُمْ إِنَّ ٱللَّهَ جَامِعُ ٱلْمُنَٰفِقِينَ وَٱلْكَٰفِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً }

قوله تعالى: { وقد نُزِّل عليكم في الكتاب } وقرأ عاصم، ويعقوب: «نَزَّل» بفتح النون والزاي. قال المفسّرون: الذي نزل عليهم في النهي عن مجالستهم، قوله في [الأنعام:68]وإِذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم } وكان المنافقون يجلسون إلى أحبار اليهود، فيسخرون من القرآن ويكذبون به، فنهى الله المسلمين عن مجالستهم. وآيات الله: هي القرآن. والمعنى: إِذا سمعتم الكفر بآيات الله، والاستهزاء بها، فلا تقعدوا معهم حتى يأخذوا في حديث غير الكفر، والاستهزاء. { إِنكم } إِن جالستموهم على ما هم عليه من ذلك، فأنتم { مثلهم } وفي ماذا تقع المماثلة فيه، قولان.

أحدهما: في العصيان. والثاني: في الرضى بحالهم، لأن مُجالس الكافر غير كافر. وقد نبّهت الآية على التحذير من مجالسة العصاة، قال إِبراهيم النخعي: إِن الرجل ليجلس في المجلس فيتكلم بالكلمة، فيرضي الله بها، فتصيبُه الرحمة فتعمُّ من حوله، وإِن الرجل ليجلس في المجلس، فيتكلم بالكلمة، فيسخط الله بها، فيصيبه السخط، فيعم من حوله.