قوله تعالى: { خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحدةٍ } يعني آدم { ثُمَّ جعَلَ منها زَوْجَها } أي: قَبْلَ خَلْقِكم جعل منها زوجها، لأنّ حَوّاءَ خُلِقَتْ قَبْلَ الذُّرِيَّة، ومِثْلُه في الكلام أن تقول: قد أعطيتُكَ اليوم شيئاً، ثُمَّ الذي أعطيتُكَ أمس أكثر؛ هذا اختيار الفراء. وقال غيره: ثم أَخبركم أنه خَلَق منها زَوْجَها. { وأَنْزَلَ لكم من الأَنعام } أي: خَلَق { ثمانيةَ أزواجٍ } ، وقد بيَّنّاها في سورة [الأنعام:143]. { خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ } أي: نُطَفاً ثُمَّ عَلَقاً ثم مُضَغاً ثم عَظْماً ثم لَحْماً، ثم أنبت الشَّعر، إِلى غير ذلك من تقلُّب الأحوال إِلى إِخراج الأطفال، هذا قول الجمهور. وقال ابن زيد: خَلْقاً في البُطون مِنْ بَعْدِ خَلْقِكم في ظَهْر آدم. قوله تعالى: { في ظُلُماتٍ ثلاثٍ } ظُلْمة البَطْن، وظُلْمة الرَّحِم، وظُلْمة المَشيمة، قاله الجمهور، وابن زيد معهم. وقال أبو عبيدة: إِنها ظُلْمة صُلْب الأب، وظُلْمة بَطْن المرأة، وظُلْمة الرَّحِم. قوله تعالى: { فأَنَّى تُصْرَفُونَ } أي: من أين تُصْرَفون عن طريق الحَقِّ بعد هذا البيان.