قوله تعالى: { قُلْ ياعباديَ الذين أَسْرَفوا على أنفُسهم } في سبب نزولها أربعة أقوال: أحدها: أن ناساً من المشركين كانوا قد قَتَلُوا فأكثَروا، وزَنَوْا فأكثَروا، ثم أتَوا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: إِنّ الذي تدعو إِليه لَحَسَنٌ، لو تُخْبِرُنا أنّ لِما عَمِلْنا كفّارةً، فنزلت هذه الآية. رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس. والثاني: أنها نزلت في عَيّاش بن أبي ربيعة والوليد بن الوليد ونَفَرٍ من المسلمين كانوا قد أسلموا، ثم عُذِّبوا فافتُتِنوا، فكان أصحاب رسول الله يقولون: لا يَقْبَلُ اللهُ مِنْ هؤلاء صَرْفاً ولا عَدْلاً، قومُ تركوا دينهم بعذاب عُذِّبوه! فنزلت هذه الآية، فكتبها عمر إلى عَيّاش والوليد وأولئك النَّفَر، فأسلموا وهاجروا؛ وهذا قول ابن عمر. والثالث: أنها نزلتْ في وحشي، وهذا القول ذكرناه مشروحاٍ في آخر [الفرقان: 68] عن ابن عباس. والرابع: أنَّ أهل مكَّةَ قالوا: يزعُم محمدٌ أنَّ مَنْ عَبَدَ الأوثانَ وقَتَلَ النَّفْسَ التي حرَّم اللهُ لم يُغْفَر له، فكيف نُهاجِر ونُسْلِم وقد فَعَلْنا ذلك؟! فنزلت هذه الآية؛ وهذا مرويُّ عن ابن عباس أيضاً. ومعنى { أَسْرَفوا على أنفسهم } ارتكَبوا الكبائر، والقنوط بمعنى اليأس. { وأَنيبوا } بمعنى ارجِعوا إِلى الله من الشِّرك والذًّنوب، { وأسلِموا له } أي: أخِلصوا له التوحيد. و { تُنْصَرون } بمعنى تُمْنَعون. { واتَّبِعوا أحسن ما أُنزل إِليكم } قد بيَّنّاه في قوله{ يأخُذوا بأحسنها } [الأعراف: 145].