الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ ٱلْعَذَابِ أَفَأَنتَ تُنقِذُ مَن فِي ٱلنَّارِ } * { لَـٰكِنِ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِّن فَوْقِهَا غُرَفٌ مَّبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ وَعْدَ ٱللَّهِ لاَ يُخْلِفُ ٱللَّهُ ٱلْمِيعَادَ }

قوله تعالى: { أَفَمَنْ حَقَّ عليه كَلِمَةُ العذابِ } قال ابن عباس: سبق في عِلْم الله أنَّه في النّار.

فإن قيل: كيف اجتمع في هذه الآية استفهامان بلا جواب؟

قيل: أمّا الفراء، فإنه يقول: هذا ممّا يُراد به استفهام واحد، فسبق الاستفهامُ إِلى غير موضعه فَرُدّ إِلى موضعه الذي هو له، فيكون المعنى: أفأنتَ تُنْقِذ مَنْ في النارِ مَنْ حَقَّت عليه كلمة العذاب؟ ومثلهأَيَعِدُكُمْ أَتَّكُمْ إِذا مِتُّم وكُنْتُم تُرَاباً وعِظاماً أَنَّكُم مُخْرَجُون } [المؤمنون:35] فرَدّ { أنَّكُْ } مرتين، والمعنى: أَيَعِدُكُم أنكم مُخْرَجون إِذا مِتُّم؟ ومثلهلا تَحْسَبَنَّ الذين يَفْرَحُونَ بما أَتَوْا } [آل عمران: 188] ثم قالفلا تَحْسَبَنَّهُمْ } [آل عمران:188] فرَدَّ " تَحْسَبَنَّ " مرتين، والمعنى: لا تَحْسَبَنَّ الذين يَفْرَحُونَ بمفازة من العذاب. وقال الزجاج: يجوز أن يكون في الكلام محذوف، تقديره: أفمن حَقَّ عليه كلمةُ العذاب فيتخلَّص منه أو ينجو، أفأنت تنقذه؟ قال المفسِّرون: أفأنت تخلّصه ممّا قُدِر له فتجعله مؤمناً؟ والمعنى: ما تقدر على ذلك. قال عطاء: يريد بهذه الآية: أبا لهب وولده ومن تخلَّف من عشيرة النبيّ صلى الله عليه وسلم عن الإِيمان.

قوله تعالى: { لكِن الذين اتَّقَوا } وقرأ أبو المتوكل، وأبوجعفر: { لكِنَّ } بتشديد النون [وفتحها] قال الزجاج: والغُرَف هي: المنازل الرفيعة في الجنة، { مِنْ فَوْقِها غُرَفٌ } أي: منازل أرفع منها.

{ وَعْدَ اللهِ } منصوب على المصدر؛ فالمعنى: وعَدَهم اللهُ غُرَفاً وَعْداً. ومن قرأ: " وَعْدُ الله " بالرفع؛ فالمعنى: ذلك وَعْدُ اللهِ.