الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ } * { أَنتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ } * { مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِٱلْمَلإِ ٱلأَعْلَىٰ إِذْ يَخْتَصِمُونَ } * { إِن يُوحَىٰ إِلَيَّ إِلاَّ أَنَّمَآ أَنَاْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ } * { إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِّن طِينٍ } * { فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ } * { فَسَجَدَ ٱلْمَلاَئِكَةُ كُـلُّهُمْ أَجْمَعُونَ } * { إِلاَّ إِبْلِيسَ ٱسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ ٱلْكَافِرِينَ } * { قَالَ يٰإِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ ٱلْعَالِينَ } * { قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ } * { قَالَ فَٱخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ } * { وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِيۤ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلدِّينِ } * { قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِيۤ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ } * { قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ ٱلْمُنظَرِينَ } * { إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْوَقْتِ ٱلْمَعْلُومِ } * { قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ } * { إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ ٱلْمُخْلَصِينَ } * { قَالَ فَٱلْحَقُّ وَٱلْحَقَّ أَقُولُ } * { لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ } * { قُلْ مَآ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَآ أَنَآ مِنَ ٱلْمُتَكَلِّفِينَ } * { إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ } * { وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينِ }

قوله تعالى: { قُلْ هُوَ نَبَأُ عظيمٌ } النَّبأُ: الخَبَر. وفي المشار إِليه قولان.

أحدهما: أنه القرآن، قاله ابن عباس، ومجاهد، والجمهور.

والثاني: أنه البعث بعد الموت، قاله قتادة، { أنتم عنه مُعْرِضُونَ } أي: لا تتفكَّرون فيه فتعلمونَ صِدْقي في نُبوَّتي، وأن ما جئتُ به من الأخبار عن قصص الماضين لم أَعْلَمْه إِلاّ بوحي من الله. ويدل على هذا المعنى قوله { ما كان ليَ من عِلْمٍ بالملأِ الأعلى } يعني الملائكة { إِذ يَخْتَصِمُونَ } في شأن آدمَ حين قال الله تعالى:إِنِّي جاعلٌ في الأرض خَليفةً } [البقرة: 30]؛ والمعنى: إِنِّي ما عَلِمْتُ هذا إلاّ بوحي، { إِنْ يُوحَى إِليَّ } أي: ما يوحى إليَّ { إلاّ أنمَّا أنا نذيرٌ } [أي]: إِلاّ أنِّي نبيٌّ أُنْذرِكم وأبيِّن لكم ما تأتونه وتجتنبونه.

{ إِذ قال ربُّكَ } هذا متصل بقوله: " يختصمونَ " ، وإنما اعترضت تلك الآية بينهما. قال ابن عباس: اختصَموا حين شُوورِوا في خَلْق آدم، فقال الله لهم: { إِنِّي جاعلٌ في الأرض خليفة } ، وهذه الخصومة منهم إنما كانت مُناظَرةً بينهم. وفي مُناظَرتهم قولان:

أحدهما: أنه قولهم:أتَجْعَلُ فيها من يُفْسِدُ فيها } [البقرة: 30]، قاله ابن عباس، ومقاتل.

والثاني: أنهم قالوا: لن يَخْلُقَ اللهُ خَلْقاً إِلاّ كُنّا أكرمَ منه وأَعْلَمَ. قاله الحسن؛ هذا قول الأكثر من المفسرين. وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " رأيتُ ربِّي عز وجل، فقال لي: فيمَ يختصِم الملأُ الأعلى؟ قلت: أنتَ أَعْلَمُ يا ربّ، قال: في الكفّارات والدرجات، فأمّا الكفّارات، فإسباغ الوُضوء في السَّبَرات، ونقل الأقدام إِلى الجماعات، وانتظار الصلاة بعد الصلاة. وأمّا الدَّرَجات، فإفشاء السَّلام، وإِطعامُ الطَّعام، والصَّلاةُ باللَّيل والنّاس نيام "

قوله تعالى: { أَسْتَكْبَرْتَ } أي: أَسْتَكْبَرْتَ بنفسكَ حين أبَيْتَ السُّجودَ { أَمْ كُنْتَ مِنَ العالِينَ } أي: من قوم يتكبَّرونَ فتكبَّرْتَ عن السُّجود لِكَونكَ من قوم يتكبَّرونَ.

قوله تعالى: { فإنَّكَ رَجِيمٌ } أي: مَرْجُومٌ بالذَّمِّ واللَّعْن.

قوله تعالى: { إلى يوم الوقت المعلوم } وهو وقت النَّفخة الأُولى، وهو حين موت الخلائق.

وقوله: { فبِعزَّتِكَ } يمين بمعنى: فوَعِزَّتِك. وما أخللنا به في هذه القصة فهو مذكور في [الأعراف: 12] و [الحجر: 34] وغيرهما مما تقدم.

قوله تعالى: { قال فالحَقُّ والحَقُّ أقولُ } قرأ عاصم إِلا حَسْنون عن هبيرة، وحمزة، وخلف، وزيد عن يعقوب: { فالحَقُّ } بالرفع في الأول ونصب الثاني. وهذا مروي عن ابن عباس، ومجاهد؛ قال ابن عباس في معناه: فأنا الحقُّ وأقولُ الحَقُّ؛ وقال غيره: خبر الحقِّ محذوف، تقديره: الحَقُّ مِنِّي. وقرأ محبوب عن أبي عمرو بالرفع فيهما؛ قال الزجّاج: من رفعهما جميعاً، كان المعنى: فأنا الحقُّ والحَقُّ أقولُ. وقرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر، والكسائي: بالنصب فيهما. قال الفراء: وهو على معنى قولك: حَقّاً لآتِيَنَّكَ، ووجودُ الألف واللام وطرحُهما سواءٌ، وهو بمنزلة قولك: حمداً لله.

السابقالتالي
2