الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَسَآءَلُونَ } * { قَالُوۤاْ إِنَّكُمْ كُنتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ ٱلْيَمِينِ } * { قَالُواْ بَلْ لَّمْ تَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ } * { وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُمْ مِّن سُلْطَانٍ بَلْ كُنتُمْ قَوْماً طَاغِينَ } * { فَحَقَّ عَلَيْنَا قَوْلُ رَبِّنَآ إِنَّا لَذَآئِقُونَ } * { فَأَغْوَيْنَاكُمْ إِنَّا كُنَّا غَاوِينَ } * { فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي ٱلْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ } * { إِنَّا كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِٱلْمُجْرِمِينَ } * { إِنَّهُمْ كَانُوۤاْ إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ ٱللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ } * { وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوۤاْ آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ } * { بَلْ جَآءَ بِٱلْحَقِّ وَصَدَّقَ ٱلْمُرْسَلِينَ } * { إِنَّكُمْ لَذَآئِقُو ٱلْعَذَابِ ٱلأَلِيمِ } * { وَمَا تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } * { إِلاَّ عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلْمُخْلَصِينَ } * { أُوْلَئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَّعْلُومٌ } * { فَوَاكِهُ وَهُم مُّكْرَمُونَ } * { فِي جَنَّاتِ ٱلنَّعِيمِ } * { عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ } * { يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ } * { بَيْضَآءَ لَذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ } * { لاَ فِيهَا غَوْلٌ وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ } * { وَعِندَهُمْ قَاصِرَاتُ ٱلطَّرْفِ عِينٌ } * { كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ }

قوله تعالى: { وأَقْبَلَ بَعْضُهم على بَعْضٍ } فيهم قولان:

أحدهما: الإِنس على الشياطين.

والثاني: الأتباع على الرؤساء { يتساءَلُونَ } تسآل توبيخ وتأنيب ولَومْ فيقول الأتباع للرؤساء: [لِمَ] غررتمونا؟ ويقول الرؤساء: لِمَ قَبِلْتُمْ مِنّا؟ فذلك قوله { قالوا } يعنى الأتباع للمتبوعين { إنَّكم كنتم تأتوننا عن اليمين } وفيه ثلاثة أقوال:

أحدها: كنتم تَقْهَروننا بقُدرتكم علينا، لأنَّكم كنتم أعزَّ مِنّا، رواه الضحاك عن ابن عباس.

والثاني: من قِبَل الدِّين فتُضِلوُّنا عنه، قاله الضحاك. وقال الزجاج: تأتوننا من قِبَل الدِّين فتخدعونا بأقوى الأسباب.

والثالث: كنتم تُوثِّقون ما كنتم تقولون بَأيْمانكم، فتأتوننا من قِبَل الأيْمان التي تَحْلِفونها. حكاه عليّ بن أحمد النيسابوري. فيقول المتبوعون لهم: { بل لم تكونوا مؤمِنينَ } أي: لم تكونوا على حَقّ فنُضلِّكم عنه، إِنما الكفر من قِبَلكم.

{ وما كان عليكم من سُلطان } فيه قولان:

أحدهما: أنه القَهْر.

والثاني: الحُجَّة. فيكون المعنى على الأول: وما كان لنا عليكم من قُوَّة نَقْهَرُكم بها ونُكْرِهِكُم على مُتابعتنا. وعلى الثاني: لم نأتكم بحُجَّة على ما دعَوْناكم إٍليه كما أتت الرُّسل.

قوله تعالى: { فَحَقَّ علينا قولُ ربِّنا } أي: فوجبت علينا كلمةُ العذاب، وهي قولهلأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ } [الاعراف: 18] { إنَّا لذائقونَ } العذاب جميعاً نحن وأنتم، { فأَغويناكم } أي، أضلَلْناكم عن الهُدى بدعائكم إلى ما نحن عليه، وهو قوله { إنّا كُنّا غَاوِينَ }.

ثم أخبر عن الأَتباع والمتبوعين بقوله: { فإنَّهم يومَئذٍ في العذاب مُشْترِكونَ } ، والمجرِمون هاهنا: المشركون، { إنَّهم كانوا } في الدُّنيا { إذا قيل لهم لا إله إلا اللهُ } أي: قولوا هذه الكلمة { يَسْتَكْبِرون } أي: يَتَعَظَّمُون عن قولها { ويقولون أئنّا لَتَارِكو آلهتِنا } المعنى: أَنَتْرُكُ عبادة آلهتنا { لِشاعرٍ } أي: لاتِّباع شاعر؟! يعنون رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فردَّ الله عليهم فقال: (بل) أي: ليس الأمر على ما قالوا، بل { جاءَ بالحَقِّ } وهو التوحيد والقرآن. { وصدَّق المُرسَلينَ } الذين كانوا قبله؛ والمعنى: أنه أتى بما أتَوْا به. ثم خاطب المُشركين بما يعد هذا إلى قوله: { إلاّ عبادَ الله المُخْلَصِينَ } يعني الموحِّدين. قال أبو عبيدة: والعرب تقول: إنَّكم لَذاهبون إلاّ زيداً، وفي ما استثناهم منه قولان:

أحدهما: من الجزاء على الأعمال، فالمعنى: إنّا لا نؤاخذهم بسوء أعمالهم، بل نَغْفِرُ لهم، قاله ابن زيد.

والثاني: من دون العذاب؛ فالمعنى: فإنهم لا يذوقون العذاب، قاله مقاتل.

قوله تعالى: { أولئك لهم رِزْقٌ معلومٌ } فيه قولان:

أحدهما: أنه الجنة، قاله قتادة.

والثاني: أنه الرِّزق في الجنة، قاله السدي.

فعلى هذا، في معنى { معلوم } قولان:

أحدهما: أنه بمقدار الغَداة والعَشِيّ، قاله ابن سائب.

والثاني: أنهم حين يشتهونهُ يؤتَون به، قاله مقاتل.

ثم بيَّن الرِّزق فقال: { فواكهُ } [وهي جمع فاكهة] وهي الثِّمار كلُّها، رَطْبها ويابسها { وهم مُكْرَمون } بما أعطاهم الله.

السابقالتالي
2 3