الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ فَٱسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ ٱلْبَنَاتُ وَلَهُمُ ٱلْبَنُونَ } * { أَمْ خَلَقْنَا ٱلْمَلاَئِكَةَ إِنَاثاً وَهُمْ شَاهِدُونَ } * { أَلاَ إِنَّهُم مِّنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ } * { وَلَدَ ٱللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ } * { أَصْطَفَى ٱلْبَنَاتِ عَلَىٰ ٱلْبَنِينَ } * { مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ } * { أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ } * { أَمْ لَكُمْ سُلْطَانٌ مُّبِينٌ } * { فَأْتُواْ بِكِتَابِكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } * { وَجَعَلُواْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ٱلْجِنَّةِ نَسَباً وَلَقَدْ عَلِمَتِ ٱلجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ } * { سُبْحَانَ ٱللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ } * { إِلاَّ عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلْمُخْلَصِينَ } * { فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ } * { مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ } * { إِلاَّ مَنْ هُوَ صَالِ ٱلْجَحِيمِ }

قوله تعالى: { فاستفتهم } أي: سل أهل مكة سؤال توبيخ وتقرير، لأنهم زعموا أن الملائكة بنات الله { وهم شاهدون } أي: حاضرون. { ألا إِنَّهم من إِفْكهم } أي: كذبهم { لَيَقولون، ولد اللهُ } حين زعموا أن الملائكة بناته.

قوله تعالى: { أَصطفى البناتِ } قال الفراء: هذا استفهام فيه توبيخ لهم، وقد تُطرح ألف الاستفهام من التوبيخ، ومثله:أذهبتم طيِّباتكم } [الأحقاف:20]، { وأَذْهبتم } يُستفهم بها ولا يُستفهم، ومعناهما واحد. وقرأ أبو هريرة، وابن المسيّب، والزهري، وابن جماز عن نافع، وأبو جعفر، وشيبة: { وإِنهم لكاذبون اصْطفى } بالوصل غير مهموز ولا ممدود؛ قال أبو علي: وهو على [وجه] الخبر، كأنه قال: اصْطفى البناتِ على البنين، كما يقولون، كقوله:ذُقْ إِنَّكَ أنتَ العزيزُ الكريمُ } [الدخان:49].

قوله تعالى: { مالكم كيف تحكُمون } لله بالبنات ولأنفُسكم بالبنين؟! { أم لكم سُلطانٌ مُبينٌ } أي: حُجَّة [بيِّنة] على ما تقولون، { فائتوا بكتابكم } الذي فيه حُجَّتكم.

{ وجَعَلوا بينه وبين الجِنَّة نَسَباً } فيه ثلاثة أقوال.

أحدها: أنهم قالوا: هو وإِبليس أخَوان، رواه العوفي عن ابن عباس؛ قال الماوردي: وهو قول الزنادقة والذين يقولون: الخير مِنَ الله، والشَّرُّ من إِبليس.

والثاني: أن كفار قريش قالوا: الملائكة بنات الله، والجِنَّة صِنف من الملائكة. يقال لهم: الجِنَّة، قاله مجاهد.

والثالث: أن اليهود قالت: إِن الله تعالى تزوّج إِلى الجن فخرجت من بينهم الملائكة، قاله قتادة، وابن السائب.

فخرج في معنى الجِنَّة قولان:

أحدهما: أنهم الملائكة.

والثاني: الجن.

فعلى الأول، يكون معنى قوله: { ولقد عَلِمَتِ الجِنَّةُ } أي: عَلِمَت الملائكةُ { إَنهم } أي: إِن هؤلاء المشركين { لَمُحْضَرُونَ } النّار.

وعلى الثاني: [ { ولقد عَلِمت الجِنَّةُ] إنهم } أي: إِن الجن أنفسها " لَمُحْضَرونَ " الحساب.

قوله تعالى: { إلاّ عِبادَ الله المُخْلصَين } يعني: الموحِّدين. وفيما استُثنوا منه قولان:

أحدهما: أنهم استُثنوا من حضور النار، قاله مقاتل.

والثاني: ممّا يصف أولئك، وهو معنى قول ابن السائب.

قوله تعالى: { فإنَّكم } يعني المشركين { وما تعبُدونَ } من دون الله، { ما أنتم عليه } أي: على ما تعبُدونَ { بِفاتنينَ } أي: بمُضِلِّينَ أحداً، { إِلاّ مَنْ هو صَالِ الجحيمِ } أي: مَنْ سبق له في عِلْم الله أنه يدخل النار.