الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱلله قَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَنُطْعِمُ مَن لَّوْ يَشَآءُ ٱللَّهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } * { وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَذَا ٱلْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } * { مَا يَنظُرُونَ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ } * { فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلاَ إِلَىٰ أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ } * { وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ ٱلأَجْدَاثِ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ } * { قَالُواْ يٰوَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ ٱلرَّحْمـٰنُ وَصَدَقَ ٱلْمُرْسَلُونَ } * { إِن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ } * { فَٱلْيَوْمَ لاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَلاَ تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } * { إِنَّ أَصْحَابَ ٱلْجَنَّةِ ٱليَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ } * { هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلاَلٍ عَلَى ٱلأَرَآئِكِ مُتَّكِئُونَ } * { لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَّا يَدَّعُونَ } * { سَلاَمٌ قَوْلاً مِّن رَّبٍّ رَّحِيمٍ }

قوله تعالى: { وإِذا قيل لهم أنفِقوا } اختلفوا فيمن نزلت على ثلاثة أقوال:

أحدها: في اليهود، قاله الحسن.

والثاني: في الزنادقة قاله قتادة.

والثالث: في مشركي قريش قاله مقاتل؛ وذلك أن المؤمنين قالوا لكفار مكة: أنفقوا على المساكين النصيب الذي زعمتم أنه لله من الحرث والأنعام فقالوا { أَنُطْعِمُ من لو يشاءُ اللهُ أطعمه }. وقال ابن السائب: كان العاص بن وائل إِذا سأله مسكين، قال: اذهب إلى ربِّك فهو أولى بك مني، ويقول: قد منعه الله، أُطعمه أنا؟! ومعنى الكلام أنهم قالوا: لو أراد اللهُ أن يرزقهم لرزقهم، فنحن نوافق مشيئة الله فيهم فلا نُطْعِمهم وهذا خطأٌ منهم، لأن الله تعالى أغنى بعض الخلق وأفقر بعضاً، ليبلوَ الغنيَّ بالفقير فيما فرض له في ماله من الزكاة، والمؤمن لا يعترض على المشيئة، وإنما يوافق الأمر. وقيل: إنما قالوا هذا على سبيل الاستهزاء.

وفي قوله: { إن أنتم إلا في ضلال مبين } قولان.

أحدهما: أنه من قول الكفار للمؤمنين، يعنون إِنكم في خطأٍ من اتِّباع محمد.

والثاني: أنه من قول الله للكفار لما ردُّوه من جواب المؤمنين.

قوله تعالى: { متى هذا الوعد } يعنون القيامة؛ والمعنى: متى إنجاز هذا الوعد { إن كنّتم صادقين }؟ يعنون محمدا وأصحابه.

{ ما ينظُرون } أي: ما ينتظرون { إلاَّ صيحةً واحدةً } وهي النفخة الأولى. و { يَخصِّمُونَ } بمعنى يختصون، فأُدغمت التاء في الصاد. قرأ ابن كثير، وأبو عمرو: { يَخَصِّمُونَ } بفتح الياء والخاء وتشديد الصاد. وروي عن أبي عمرو اختلاس حركة الخاء. وقرأ عاصم، وابن عامر، والكسائي: { يَخْصِّمُونَ } بفتح الياء وكسر الخاء. وعن عاصم كسر الياء والخاء. وقرأ نافع بسكون الخاء وتشديد الصاد. وقرأ حمزة بسكون الخاء وتخفيف الصاد، أي: يَخْصِمُ بعضهم بعضاً. وقرأ أُبيٌّ بن كعب: { يختصمون } بزيادة تاء؛ والمعنى أن الساعة تأتيهم أَغفلَ ما كانوا عنها وهم متشاغلون في متصرَّفاتهم وبيعهم وشرائهم { فلا يستطيعون توصيةً } قال مقاتل: أُعجلوا عن الوصية فماتوا، { ولا إِلى أهلهم يَرْجِعُونَ } أي: لا يعودون من الأسواق إلى منازلهم؛ فهذا وصف ما يَلْقَون في النفخة الأولى. ثم ذكر ما يَلْقَون في النفخة الثانية فقال: { ونُفِخَ في الصُّور فإذا هم من الأجداث } يعني القبور؛ { إِلى ربهم يَنْسِلُونَ } أي: يخرُجون بسرعة، وقد شرحنا هذا المعنى في سورة [الأنبياء: 96]. { قالوا يا وليلنا مَنْ بَعَثَنا من مرقدنا } وقرأ علي بن أبي طالب، وأبو رزين، والضحاك وعاصم الجحدري: { من بعثْنَا } بكسر الميم والثاء وسكون العين. قال المفسرون: إنما قالوا هذا، لأن الله تعالى رفع عنهم العذاب فيما بين النفختين. قال أُبيُّ بن كعب: ينامون نومة قبل البعث فإذا بُعثوا قالوا هذا.

قوله تعالى: { هذا ما وعد الرحمنُ } في قائلي هذا الكلام ثلاثة أقوال.

السابقالتالي
2 3