قوله تعالى: { ومن الجبال جُدَدٌ بِيضٌ } أي: ومِمَّا خَلَقْنا من الجبال جُدَدٌ. قال ابن قتيبة: الجُدَدُ: الخُطوط والطَّرائق تكون في الجبال، فبعضُها بِيض، وبعضُها حُمر، وبعضُها غرابيبُ سودٌ، والغَرابيب جمع غِرْبِيبٍ، وهو الشديد السواد، يقال: أسْودُ غِرْبِيبٌ، وتمام الكلام عند قوله: { كذلك } ، يقول: من الجبال مختلِفٌ ألوانه، { ومِنَ النَّاس والدَّوابِّ والأنعام مختلِفٌ ألوانُه كذلك } أي: كاختلاف الثمرات. قال الفراء: وفي الكلام تقديم وتأخير، تقديره: وسودٌ غرابيب، لأنه يقال: أسودُ غِرْبيبٌ، وقلّما يقال: غربيب أسود. وقال الزجاج: المعنى: ومن الجبال غرابيبُ سود، وهي ذوات الصخر الأَسْود. وقال ابن دريد: الغِرْبيب: الأَسْود، أحسِبُ أن اشتقاقه من الغُراب. وللمفسرين في المراد بالغرابيب ثلاثة أقوال. أحدها: الطرائق السُّود، قاله ابن عباس. والثاني: الأودية السود، قاله قتادة. والثالث: الجبال السود، قاله السدي. ثم ابتدأ فقال: { إِنَّما يخشى اللّهَ مِنْ عِباده العُلَماءُ } يعني العلماء بالله عزَّ وجل. قال ابن عباس: يريد: إِنَّما يخافُني مِنْ خَلْقي مَنْ عَلِم جبروتي وعِزَّتي وسلطاني. وقال مجاهد والشعبي: العالِم من خاف اللّهَ. وقال الربيع بن أنس: من لم يَخْش اللّهَ فليس بعالِم.