الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلاَمٌ وَقَدْ بَلَغَنِي ٱلْكِبَرُ وَٱمْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ ٱللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَآءُ }

قوله تعالى: { قال رب أنى يكون لي غلام } أي: كيف يكون؟!.

قال الكميت:
أنى ومن أينَ آبَكَ الطرب   
قال العلماء: منهم الحسن، وابن الأنباري، وابن كيسان: كأنه قال: من أي وجه يكون لي الولد؟ أيكون بازالة العقر عن زوجتي، وردّ شبابي؟ أم يأتي ونحن على حالنا؟ فكان ذلك على سبيل الاستعلام، لا على وجه الشك. قال الزجاج: يقال: غلام بيّن الغلوميَّة، وبين الغلاميَّة، وبين الغلومة. قال شيخنا: أبو منصور اللغوي: الغلام: فعال، من الغُلمة، وهي شدة شهوة النكاح. ويقال للكهل: غلام.

قالت ليلى الأخيلية تمدح الحجاج:
......   غلام إِذا هزَّ القناة سقاها
وكأن قولهم للكهل: غلام، أي: قد كان مرة غلاماً. وقولهم للطفل: غلام على معنى التفاؤل، أي: سيصير غلاماً. قال: وقيل: الغلام الطار الشارب، ويقال للجارية: غلامة. قال الشاعر:
......   يهان لها الغلامة والغلام
قوله تعالى: { وقد بلغنيَ الكبر } أي: وقد بلغت الكبر، قال الزجاج: كل شيء بلغته فقد بلغك. وفي سنة يومئذ ستة أقوال. أحدها: أنه كان ابن مائة وعشرين سنة، امرأته بنت ثمان وتسعين سنة، قاله ابن عباس. والثاني: أنه كان ابن بضع وسبعين سنة، قاله قتادة. والثالث: ابن خمس وسبعين، قاله مقاتل. والرابع: ابن سبعين. حكاه فضيل بن غزوان. والخامس: ابن خمس وستين. والسادس: ابن ستين، حكاهما الزجاج، قال اللغويون: والعاقر من الرجال والنساء: الذي لا يأتيه الولد، وإنما قال: «عاقر»، ولم يقل: عاقرة، لأن الأصل في هذا الوصف للمؤنث، والمذكر فيه كالمستعار، فأجري مجرى «طالق» «حائض» هذا قول الفراء.