الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ فَإنْ حَآجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ للَّهِ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِ وَقُلْ لِّلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَٰبَ وَٱلأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُواْ فَقَدِ ٱهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ ٱلْبَلَٰغُ وَٱللَّهُ بَصِيرٌ بِٱلْعِبَادِ }

قوله تعالى: { فان حاجوك } أي: جادلوك، وخاصموك. قال مقاتل: يعني اليهود، وقال ابن جرير: يعني نصارى نجران في أمر عيسى، وقال غيرهما: اليهود والنصارى. { فقل أسلمت وجهي لله } قال الفراء: معناه: أخلصت عملي، وقال الزجاج: قصدت بعبادتي إلى الله.

قوله تعالى: { ومن اتبعن } أثبت الياء في الوصل دون الوقف أهل المدينة والبصرة، وابن شنبوذ عن قنبل، ووقف ابن شنبوذ ويعقوب بياء. قال الزجاج: والأحب إِلىَّ اتباع المصحف. وما حذف من الياءات في مثل قوله تعالى: { ومن اتبعن } و { لئن أخرتن } و { ربي أكرمن } و { ربي أهانن }. فهو على ضربين. أحدهما: ما كان مع النون، فإن كان رأس آية، فأهل اللغة يجيزون حذف الياء، ويسمون أواخر الآي الفواصل، كما أجازوا ذلك في الشعر.

قال الأعشى:
ومن شانىءٍ كاسف باله   إذا ما انتسبت له أنكرن
وهل يمنعني ارتيادي البلا   د من حذر الموت أن يأتين
فأما إذا لم يكن آخر آية أو قافية، فالأكثر إثبات الياء، وحذفها جيد أيضاً، خاصة مع النونات، لأن أصل «اتبعني» «اتبعي» ولكن «النون» زيدت لتسلم فتحة العين، فالكسرة مع النون تنوب عن الياء، فأما إذا لم تكن النون، نحو غلامي وصاحبي، فالأجود إثباتها، وحذفها عند عدم النون جائز على قلته، تقول: هذا غلام، قد جاء غلاميَ، وغلاميْ بفتح الياء وإسكانها، فجاز الحذف، لأن الكسرة تدل عليها.

قوله تعالى: { وقل للذين أوتوا الكتاب } يريد اليهود والنصارى { والأميين } بمعنى مشركي العرب، وقد سبق في البقرة شرح هذا الاسم.

قوله تعالى: { ءَأسلمتم } قال الفراء: هو استفهام ومعناه الأمر، كقوله تعالىفهل أنتم منتهون } [المائدة 91].

فصل

اختلف علماء الناسخ والمنسوخ في هذه الآية، فذهبت طائفة إلى أنها محكمة، وأن المراد بها تسكين نفس النبي صلى الله عليه وسلم عند امتناع من لم يجبه، لأنه كان يحرص على إيمانهم، ويتألم من تركهم الإجابة. وذهبت طائفة إلى أن المراد بها الاقتصار على التبليغ، وهذا منسوخ بآيه السيف.