الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ فَٱسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنْكُمْ مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَٱلَّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَـٰرِهِمْ وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي وَقَـٰتَلُواْ وَقُتِلُواْ لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّـٰتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَـٰرُ ثَوَاباً مِّن عِندِ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ ٱلثَّوَابِ }

قوله تعالى: { فاستجاب لهم ربهم } روي عن أم سلمة أنها قالت: يا رسول الله، لا أسمع ذكر النساء في الهجرة بشيء؟ فنزلت هذه الآية، واستجاب: بمعنى أجاب. والمعنى: أجابهم بأن قال لهم: إني لا أُضيع عمل عامل منكم، ذكراً كان أو أُنثى.

وفي معنى قوله تعالى: { بعضكم من بعض } ثلاثة أقوال.

أحدها: بعضكم من بعض في الدين، والنُصرة والموالاة.

والثاني: حكم جميعكم في الثواب واحد، لأن الذكور من الإناث، والإناث من الذكور.

والثالث: كلكم من آدم وحواء.

قوله تعالى: { فالذين هاجروا } أي: تركوا الأوطان والأهل والعشائر { وأخرجوا من ديارهم } يعني: المؤمنين الذين أخرجوا من مكة بأذى المشركين، فهاجروا، { وقاتلوا } المشركين { وقتلوا }. قرأ ابن كثير، وابن عامر: «وقاتلوا وقتّلوا» مشددة التاء. وقرأ نافع، وأبو عمرو، وعاصم: «وقاتلوا وقتلوا» خفيفة. وقرأ حمزة، والكسائي: و«قتلوا وقاتلوا». قال أبو علي: تقديم «قتلوا» جائز، لأن المعطوف بالواو يجوز أن يكون أولاً في المعنى، مؤخراً في اللفظ.

قوله تعالى: { ثواباً من عند الله } قال الزجاج: هو مصدرٌ مؤكد لما قبله، لأن معنى { لأدخلنّهم جنَّات } لأثيبنَّهم.