الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللهِ كِتَٰباً مُّؤَجَّلاً وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ ٱلدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ ٱلآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي ٱلشَّٰكِرِينَ }

قوله تعالى: { وما كان لنفس أن تموت إلا باذن الله } في الإذن قولان.

أحدهما: أنه الأمر، قاله ابن عباس. والثاني: الإذن نفسه، قاله مقاتل.

قال الزجاج: ومعنى الآية: وما كانت نفس لتموت إلا بإذن الله.

قوله تعالى: { كتاباً مؤجلاً } توكيد، والمعنى: كتب الله ذلك كتاباً مؤجلاً، أي: كتاباً ذا أجل. والأجل: الوقت المعلوم، ومثله في التوكيدكتابَ الله عليكم } [النساء: 24] لأنه لما قال:حرمت عليكم أمهاتكم } [النساء: 22] دلّ على أنه مفروض، فأكد بقولهكتابَ الله عليكم } [النساء: 24] وكذلك قوله تعالى:صنعَ الله } [النمل: 88] لأنه لما قال:وترى الجبال تحسبها جامدة } [النمل: 88] دلّ على أنه خلق الله فأكد بقوله: { صنع الله }.

قوله تعالى: { ومن يرد ثواب الدنيا نؤته منها } أي: من قصد بعمله الدنيا، أُعطي منها، قليلاً كان أو كثيراً، ومن قصد الآخرة بعمله، أُعطي منها. وقال مقاتل: عنى بالآية: من ثبت يوم أحد، ومن طلب الغنيمة.

فصل

وأكثر العلماء على أن هذا الكلام محكم، وذهبت طائفة إلى نسخه بقوله تعالى:عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد } [الاسراء: 18] والصحيح أنه محكم، لأنه لا يؤتى أحد شيئاً إلا بقدرة الله ومشيئته.

ومعنى قوله تعالى: { نؤته منها } أي: ما نشاء، وما قدرنا له، ولم يقل: ما يشاء هو.