قوله تعالى: { ليقطع طرفاً } معناه: نصركم ببدر ليقطع طرفاً. قال الزجاج: أي: ليقتل قطعةً منهم. وفي أي يوم كان ذلك فيه قولان. أحدهما: في يوم بدر، قاله الحسن، وقتادة، والجمهور. والثاني: يوم أُحد، قتل منهم ثمانية وعشرون، قاله السدي. قوله تعالى: { أو يكبتهم } فيه سبعة أقوال. أحدها: أن معناه يهزمهم، قاله ابن عباس، والزجاج. والثاني: يخزيهم، قاله قتادة، ومقاتل. والثالث: يصرعهم، قاله أبو عبيد، واليزيدي. وقال الخليل: هو الصرع على الوجه. والرابع: يهلكهم، قاله أبو عبيدة. والخامس: يلعنهم، قاله السدي. والسادس: يُظفِّر عليهم، قاله المبرّد. والسابع: يغيظهم، قاله النضر بن شميل، واختاره ابن قتيبة. وقال ابن قتيبة: أهل النظر يرون أن التاء فيه منقلبة عن دال، كأن الأصل فيه: يكبدهم، أي: يصيبهم في أكبادهم بالحزن والغيظ، وشدة العداوة، ومنه يقال: فلان قد أحرق الحزن كبده، وأحرقت العداوة كبده، والعرب تقول: العدو: أسود الكبد. قال الأعشى:
فما أُجْشِمْتُ من إِتيان قوم
هم الأعداء والأكباد سود
كأن الأكباد لما احترقت بشدة العداوة، اسودت، ومنه يقال للعدو: كاشح، لأنه يخبأ العداوة في كشحه. والكشح: الخاصرة، وإنما يريدون الكبد، لأن الكبد هناك. قال الشاعر:
وأُضمِر أضغاناً عليَّ كشوحُها
والتاء والدال متقاربتا المخرج، والعرب تدغم إحداهما في الأخرى، وتبدل إحداهما من الأخرى، كقولهم: هرت الثوب وهرده: إذا خرقه، وكذلك: كبت العدو، وكبده، ومثله كثير. قوله تعالى: { فينقلبوا خائبين } قال الزجاج: الخائب: الذي لم ينل ما أمَّل. وقال غيره: الفرق بين الخيبة واليأس، أن الخيبة لا تكون إلا بعد الأمل، واليأس قد يكون من غير أمل.