الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُواْ ٱقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنْجَاهُ ٱللَّهُ مِنَ ٱلنَّارِ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } * { وَقَالَ إِنَّمَا ٱتَّخَذْتُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ أَوْثَاناً مَّوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً وَمَأْوَاكُمُ ٱلنَّارُ وَمَا لَكُمْ مِّن نَّاصِرِينَ }

ثم عاد الكلام إِلى قصة إِبراهيم، وهو قوله: { فما كان جوابَ قومه } أي: حين دعاهم إِلى الله ونهاهم عن الأصنام { إِلاَّ أن قالوا اقتُلوه أو حرِّقوه } وهذا بيان لسفه أحلامهم حين قابلوا احتجاجه عليهم بهذا.

قوله تعالى: { فأنجاه الله } المعنى: فحرَّقوه فأنجاه الله { مِنَ النَّار }.

قوله تعالى: { إِنَّ في ذلك } يشير إِلى إِنجائه إِبراهيم.

قوله تعالى: { وقال } يعني إِبراهيم { إِنَّما اتَّخذتم مِنْ دون الله أوثاناً مَوَدَّةُ بَيْنِكُمْ } قرأ ابن كثير، وأبو عمرو: { مَوَدَّةُ بَيْنِكُمْ } بالرفع والإِضافة. قال الزجاج: { مَوَدَّةُ } مرفوعة باضمار «هي»، كأنه قال: تلك مَوَدةُ بينِكم، أي: أُلفتكم واجتماعكم على الأصنام مَوَدَّةُ بينِكم؛ والمعنى: إِنَّما اتخذتم هذه الأوثان لتتوادُّوا بها في الحياة الدنيا. ويجوز أن تكون «ما» بمعنى الذي.

وقرأ ابن عباس، وسعيد بن المسيّب، وعكرمة، وابن أبي عبلة: { مَوَدَّةٌ } بالرفع { بَيْنَكُمْ } بالنصب.

وقرأ نافع، وابن عامر، وأبو بكر عن عاصم: { مَوَدَّةً بَيْنَكم } قال أبو علي: المعنى: اتَّخذتم الأصنام للمودَّة، و { بينَكم } نصب على الظرف، والعامل فيه المودَّة.

وقرأ حمزة، وحفص عن عاصم: { مَوَدَّةَ بَيْنِكُم } بنصب { مَوَدَّةَ } مع الإِضافة، وهذا على الاتساع في جعل الظرف اسماً لِما أُضيف إِليه.

قال المفسرون: معنى الكلام: إِنَّما اتَّخذتموها لِتَتَّصِلَ المودَّة بينكم واللِّقاء والاجتماع عندها، وأنتم تعلمون أنها لا تضر ولا تنفع، { ثُمَّ يومَ القيامة يكفُر بعضُكم ببعض } أي: يتبرَّأ القادة من الأتباع { ويَلعنُ بعضُكم بعضاً } يلعن الأتباعُ القادةَ لأنَّهم زيَّنوا لهم الكفر.