الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ ٱلْقُرَىٰ حَتَّىٰ يَبْعَثَ فِيۤ أُمِّهَا رَسُولاً يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي ٱلْقُرَىٰ إِلاَّ وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ } * { وَمَآ أُوتِيتُم مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِندَ ٱللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } * { أَفَمَن وَعَدْنَاهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لاَقِيهِ كَمَن مَّتَّعْنَاهُ مَتَاعَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ مِنَ ٱلْمُحْضَرِينَ }

{ وما كان ربُّك مُهْلِكَ القُرى } يعني القرى الكافر أهلها { حتَّى يَبْعَثَ في أُمِّها } أي: في أعظمها { رسولاً } ، وإِنما خصَّ الأعظم ببعثة الرسول، لأن الرسول إِنَّما يُبعث إِلى الأشراف، وأشراف القوم ملوكهم، وإِنما يسكُنون المواضع التي هي أُمُّ ما حولها. وقال قتادة: أُم القرى: مكة، والرسول: محمد.

قوله تعالى: { يَتْلو عليهم آياتنا } قال مقاتل: يخبرهم الرسول أنَّ العذاب نازل بهم إِن لم يؤمنوا.

قوله تعالى: { وما كُنَّا مُهْلِكي القرى إِلاَّ وأهلها ظالمون } أي: بظلمهم أُهلكهم. وظلمهم: شركهم. { وما أُوتيتم من شيء } أي: ما أُعطيتم من مال وخير { فمتاعُ الحياة الدُّنيا } تتمتَّعون به أيام حياتكم ثم يفنى وينقضي، { وما عند الله } من الثواب { خير وأبقى } أفضل وأَدْوَم لأهله { أفلا تَعْقِلون } أَنَّ الباقي أفضل مِنَ الفاني؟!

قوله تعالى: { أفَمَنْ وَعَدْناه وَعْداً حَسَناً } اختُلف فيمن نزلت على أربعة أقوال.

أحدها: أنها نزلت في رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي جهل.

والثاني: في عليّ وحمزة عليهما السلام، وأبي جهل. والقولان مرويان عن مجاهد.

والثالث: في المؤمن والكافر، قاله قتادة.

والرابع: في عمَّار والوليد بن المغيرة، قاله السدي. وفي الوعد الحسن قولان.

أحدهما: الجنة.

والثاني: النصر.

قوله تعالى: { فهو لاقِيه } أي: مُصيبه ومُدْرِكه { كَمَنْ مَتَّعْناه متاع الحياة الدنيا } أي: كمن هو ممتَّع بشيء يفنى ويزول عن قريب { ثُمَّ هو يومَ القيامة من المُحْضَرِين } فيه قولان.

أحدهما: من المُحْضَرِين في عذاب الله، قاله قتادة.

والثاني: من المُحْضَرِين للجزاء، حكاه الماوردي.