الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ فَلَمَّا جَآءَهُمُ ٱلْحَقُّ مِنْ عِندِنَا قَالُواْ لَوْلاۤ أُوتِيَ مِثْلَ مَآ أُوتِيَ مُوسَىٰ أَوَلَمْ يَكْفُرُواْ بِمَآ أُوتِيَ مُوسَىٰ مِن قَبْلُ قَالُواْ سِحْرَانِ تَظَاهَرَا وَقَالُواْ إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ } * { قُلْ فَأْتُواْ بِكِتَابٍ مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ هُوَ أَهْدَىٰ مِنْهُمَآ أَتَّبِعْهُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } * { فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكَ فَٱعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَآءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ ٱتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ } * { وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ ٱلْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } * { ٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ مِن قَبْلِهِ هُم بِهِ يُؤْمِنُونَ } * { وَإِذَا يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ قَالُوۤاْ آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّنَآ إنَّا كُنَّا مِن قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ } * { أُوْلَـٰئِكَ يُؤْتُونَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُواْ وَيَدْرَؤُنَ بِٱلْحَسَنَةِ ٱلسَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ } * { وَإِذَا سَمِعُواْ ٱللَّغْوَ أَعْرَضُواْ عَنْهُ وَقَالُواْ لَنَآ أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ لاَ نَبْتَغِي ٱلْجَاهِلِينَ }

قوله تعالى: { فلمَّا جاءهم } يعني أهل مكة { الحقُّ مِنْ عندنا } وهو محمد عليه السلام والقرآن { قالوا لولا } أي: هلاَّ { أُوتيَ } محمد من الآيات { مِثْلَ ما أُوتيَ موسى } كالعصا واليد. قال المفسرون: أمرت اليهودُ قريشاً أن تسأل محمداً مثل ما أُوتيَ موسى، فقال الله تعالى: { أو لم يَكْفُروا بما أُوتيَ موسى } أي: فقد كفروا بآيات موسى، و { قالوا } في المشار إِليهم قولان.

أحدهما: اليهود.

والثاني: قريش. { سحران } قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر: [ساحران }. { تََظَاهَرا } أي: تعاونا. وروى العباس الانصاري عن أبي عمرو: { تَظَّاهَرا } بتشديد الظاء.

وفيمن عَنَواْ ثلاثة أقوال.

أحدها: موسى ومحمد، قاله ابن عباس، والحسن، وسعيد بن جبير؛ فعلى هذا هو من قول مشركي العرب.

والثاني: موسى وهارون، قاله مجاهد؛ فعلى هذا هو من قول اليهود لهما في ابتداء الرسالة.

والثالث: محمد وعيسى، قاله قتادة؛ فعلى هذا هو من قول اليهود الذين لم يؤمنوا بنبيِّنا. وقرأ عاصم، وحمزة، والكسائي: { سِحْران } وفيه ثلاثة أقوال.

أحدها: التوراة والفرقان، قاله ابن عباس، والسدي.

والثاني: الإِنجيل والقرآن، قاله قتادة.

والثالث: الثوراة والإِنجيل، قاله أبو مجلز، وإِسماعيل ابن أبي خالد. ومعنى الكلام: كلُّ سِحْر منهما يقوِّي الآخر، فنُسب التظاهر إِلى السِحْرين توسُّعاً في الكلام، { وقالوا إِنَّا بكلٍّ كافرون } يعنون ما تقدَّم ذِكْره على اختلاف الأقوال، فقال الله لنبيِّه { قُلْ } لكفَّار مكة { فأْتُوا بكتابٍ مِنْ عِنْدِ الله هو أهدى منهما } أي: من التوراة والقرآن، { إِن كنتم صادِقين } أنَّهما ساحران. { فان لم يستجيبوا لك } أي: فان لم يأتوا بمثل التوراة والقرآن، { فاعلم أنَّما يَتَّبعون أهواءهم } أي: أنَّ ما ركبوه من الكفر لم يحملهم عليه حُجَّة، وإِنما آثروا فيه الهوى { ومَنْ أضَلُّ } أي: ولا أحد أضل، { مِمَّن اتَّبع هواه بغير هُدىً } أي: بغير رشاد ولا بيان جاء { من الله }. { ولقد وصَّلْنَا لهم القَولَ } وقرأ الحسن، وأبو المتوكل، وابن يعمر: { وصَلْنَا } بتخفيف الصاد.

وفي المشار إِليهم قولان.

أحدهما: أنهم قريش، قاله الأكثرون، منهم مجاهد.

والثاني: اليهود، قاله رفاعة القرظي.

والمعنى: أنزلنا القرآن يتبع بعضه بعضاً، ويُخْبِر عن الأمم الخالية كيف عُذِّبِوا لعلَّهم يتَّعظون.

{ الذين آتيناهم الكتاب } وفيهم ثلاثة أقوال.

أحدها: أنهم مؤمنو أهل الكتاب، رواه العوفي عن ابن عباس، وبه قال مجاهد.

والثاني: مسلمو أهل الإِنجيل، روى سعيد بن جبير عن ابن عباس أن أربعين من أصحاب النجاشي قَدِموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فشهدوا معه أُحُداً، فنزلت فيهم هذه الآية.

والثالث: مسلمو اليهود، كعبد الله بن سلام وغيره، قاله السدي.

قوله تعالى: { مِنْ قَبْله } أي: من قبل القرآن، { هُمْ به } في هاء الكناية قولان.

أحدهما: أنها ترجع إِلى محمد صلى الله عليه وسلم، لأن ذِكْره كان مكتوباً [عندهم] في كتبهم، فآمنوا به.

السابقالتالي
2