الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّمَآ أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ ٱلْبَلْدَةِ ٱلَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ } * { وَأَنْ أَتْلُوَاْ ٱلْقُرْآنَ فَمَنِ ٱهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَآ أَنَاْ مِنَ ٱلْمُنذِرِينَ } * { وَقُلِ ٱلْحَمْدُ للَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ }

قوله تعالى: { إِنَّما أُمِرْتُ } المعنى: قل للمشركين: إِنَّما أُمِرْتُ { أنْ أعبُد ربَّ هذه البلدة الذي حرَّمها } وقرأ ابن مسعود، وأبو عمران الجوني: { التي حرَّمها } ، وهي مكة، وتحريمها: تعظيم حرمتها بالمنع من القتل فيها والسبي والكفّ عن صيدها وشجرها، { وله كُلُّ شيء } لأنه خالقه ومالكه، { وأُمِرْتُ أن أكون من المسلِمِين } أي: من المخلِصِين لله بالتوحيد، { وأن أتلوَ القرآن } عليكم { فمن اهتدى فانَّما يهتدي لنفسه } أي: فله ثواب اهتدائه { ومَنْ ضَلَّ } أي: أخطأ [طريق] الهُدى { فَقُلْ إِنَّما أنا مِنَ المُنْذِرِين } أي: ليس عليَّ إِلا البلاغ؛ وذكر المفسرون أن هذا منسوخ بآية السيف، { وقُلِ الحمدُ لله } أي: قُلْ لِمن ضَلَّ: الحمد لله الذي وفَّقَنا لقَبول ما امتنعتم منه { سيريكم آياته }. ومتى يريهم؟ فيه قولان.

أحدهما: في الدنيا. ثم فيها ثلاثة أقوال.

أحدها: أن منها الدخان وانشقاق القمر، وقد أراهم ذلك، رواه أبو صالح عن ابن عباس.

والثاني: سيريكم آياته [فتعرفونها] في السماء، وفي أنفسكم، وفي الرِّزق، قاله مجاهد.

والثالث: القتل ببدر، قاله مقاتل.

والثاني: سيُريكم آياته في الآخرة فتَعْرِفونها على ما قال في الدنيا، قاله الحسن. قوله تعالى: { وما ربُّك بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ } وقرأ نافع، وابن عامر، وحفص عن عاصم { تعملون } بالتاء، على معنى: قل لهم، وقرأ الباقون بالياء، على أنه وعيد لهم بالجزاء على أعمالهم.