الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ أَمَّن يُجِيبُ ٱلْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ ٱلسُّوۤءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَآءَ ٱلأَرْضِ أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ } * { أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ وَمَن يُرْسِلُ ٱلرِّيَاحَ بُشْرَاً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ تَعَالَى ٱللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ } * { أَمَّن يَبْدَؤُاْ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعيدُهُ وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وٱلأَرْضِ أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } * { قُل لاَّ يَعْلَمُ مَن فِي ٱلسَّمَٰوٰتِ وٱلأَرْضِ ٱلْغَيْبَ إِلاَّ ٱللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ } * { بَلِ ٱدَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِّنْهَا بَلْ هُم مِّنْهَا عَمُونَ } * { وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَإِذَا كُنَّا تُرَاباً وَآبَآؤُنَآ أَإِنَّا لَمُخْرَجُونَ } * { لَقَدْ وُعِدْنَا هَـٰذَا نَحْنُ وَآبَآؤُنَا مِن قَبْلُ إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } * { قُلْ سِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ فَٱنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلْمُجْرِمِينَ } * { وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلاَ تَكُن فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ } * { وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا ٱلْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } * { قُلْ عَسَىٰ أَن يَكُونَ رَدِفَ لَكُم بَعْضُ ٱلَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ } * { وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى ٱلنَّاسِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَشْكُرُونَ } * { وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ } * { وَمَا مِنْ غَآئِبَةٍ فِي ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ }

قوله تعالى: { أمَّنْ يجيب المُضْطَرَّ } وهو: المكروب المجهود؛ { ويَكْشِفُ السُّوء } يعني الضُّرَّ { ويجعلُكم خُلَفَاءَ الأرض } أي: يُهلك قرناً وينشىء آخرين، و { تَذَكَّرون } بمعنى تتَّعظون. وقرأها أبو عمرو بالياء، والباقون بالتاء. { أمَّنْ يَهديكم } أي: يُرشدكم إِلى مقاصدكم إِذا سافرتمفي ظُلُمات البرِّ والبحر } وقد بيَّنَّاها في [الأنعام:63، 97] وشرحنا ما يليها من الكلمات فيما مضى [الأعراف:57، ويونس:4] إِلى قوله: { وما يَشْعُرونَ } يعني مَنْ في السموات والأرض { أيَّانَ يُبْعَثُونَ } أي: متى يُبْعَثون بعد موتهم.

قوله تعالى: { بل أَدْرَكَ عِلْمُهم في الآخرة } قرأ ابن كثير، وأبو عمرو: { بل أَدْرَكَ } قال مجاهد: «بل» بمعنى «أم» والمعنى: لم يُدْرِكْ عِلْمُهم، وقال الفراء: المعنى: هل أَدرك عِلْمُهم عِلْم الآخرة؟ فعلى هذا يكون المعنى: إِنهم لا يقفون في الدنيا على حقيقة العِلْم بالآخرة. وقرأ نافع، وابن عامر، وعاصم، وحمزة، والكسائي: { بل ادّارَكَ } على معنى: بل تدارك، أي: تتابع وتلاحق، فأُدغمت التاء في الدال، ثم في معناها قولان.

أحدهما: بل تكامل عِلْمهم يوم القيامة لأنهم مبعوثون، قاله الزجاج. وقال ابن عباس: ما جهلوه في الدُّنيا، عَلِموه في الآخرة.

والثاني: بل تدارك ظَنُّهم وحَدْسهم في الحكم على الآخرة، فتارة يقولون: إِنها كائنة، وتارة يقولون: لا تكون، قاله ابن قتيبة. وروى أبو بكر عن عاصم: { بل ادّرَكَ } على وزن افتعل من أدركت.

قوله تعالى: { بل هم في شَكِّ منها } أي: بل هم اليوم في شك من القيامة { بل هم منها عَمُونَ } قال ابن قتيبة: أي: من عِلْمِها. وما بعد هذا قد سبق بيانه [النحل:127،المؤمنون:35، 82] إِلى قوله: { متى هذا الوعد } يعنون: العذاب الذي تَعِدنا. { قُلْ عسى أن يكون رَدِف لكم } قال ابن عباس: قَرُب لكم. وقال ابن قتيبة: تَبِعَكم، واللام زائدة، كأنه قال: رَدِفَكم.

وفي ما تبعهم مِمَّا استعجلوه قولان.

أحدهما: يوم بدر.

والثاني: عذاب القبر.

قوله تعالى: { وإِنَّ ربَّكَ لَذُو فَضْلٍ على النَّاس } قال مقاتل: على أهل مكة حين لا يعجل عليهم بالعذاب.

قوله تعالى: { وإِنَّ ربَّكَ لَيَعْلَمُ ما تُكِنُّ صُدورهم } أي: ما تُخفيه { وما يُعْلِنون } بألسنتهم من عداوتك وخلافك؛ والمعنى: أنه يجازيهم عليه. { وما مِنْ غائبة } أي: وما من جملة غائبة { إِلا في كتاب } يعني اللوح المحفوظ؛ والمعنى: إِنَّ عِلْم ما يستعجلونه من العذاب بَيِّنٌ عند الله وإِن غاب عن الخَلْق.