الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلِ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلاَمٌ عَلَىٰ عِبَادِهِ ٱلَّذِينَ ٱصْطَفَىٰ ءَآللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ } * { أَمَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُمْ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَآئِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُواْ شَجَرَهَا أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ } * { أَمَّن جَعَلَ ٱلأَرْضَ قَرَاراً وَجَعَلَ خِلاَلَهَآ أَنْهَاراً وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ ٱلْبَحْرَيْنِ حَاجِزاً أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱلله بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ }

قوله تعالى: { قُلِ الحمدُ لله } هذا خطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، أُمِرَ أن يَحْمَد اللّهَ على هلاك الأمم الكافرة، وقيل: على جميع نِعَمه، { وسلامٌ على عباده، الذين اصطفى } فيهم أربعة أقوال.

أحدها: الرسل، رواه أبو صالح عن ابن عباس. وروى عنه عكرمة، قال: اصطفى إِبراهيم بالخُلَّة، وموسى بالكلام، ومحمداً بالرؤية.

والثاني: أنهم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، رواه أبو مالك عن ابن عباس، وبه قال السدي.

والثالث: أنهم الذين وحَّدوه وآمنوا به، رواه عطاء عن ابن عباس.

والرابع: أنه محمد صلى الله عليه وسلم، قاله ابن السائب.

قوله تعالى: { آللّهُ خَيْرٌ أمَّا يُشْرِكونَ } قال أبو عبيدة: مجازه: أو ما يشركون، وهذا خطاب للمشركين؛ والمعنى: آلله خير لمن عبده، أم الأصنام لعابديها؟! ومعنى الكلام: أنه لمَّا قصَّ عليهم قصص الأمم الخالية، أخبرهم أنَّه نجَّى عابديه، ولم تُغْنِ الأصنام عنهم.

قوله تعالى: { أمَّنْ خَلَقَ السموات } تقديره: أمَّا يشركون خير، أمَّن خلق السماوات { والأرضَ وأنزلَ لكم من السماءِ ماءً فأنبتنا به حدائق ذات بهجة }؟! فأمَّا الحدائق، فقال ابن قتيبة: هي البساتين، واحدها: حديقة، سميت بذلك لأنه يُحْدَقُ عليها، أي: يُحْظَر، والبهجة: الحُسن.

قوله تعالى: { ما كان لكم أن تُنْبتُوا شجرها } أي: ما ينبغي لكم ذلك [لأنكم] لا تقدرون عليه. ثم قال مستفهماً مُنْكِراً عليهم: { أإِله مع الله }؟! أي: ليس معه إِله { بل هم } يعني: كفار مكة { قوم يَعْدِلون } وقد شرحناه في فاتحة [الأنعام]. { أمَّنْ جَعَلَ الأرض قراراً } أي: مُسْتَقَرّاً لا تَمِيد بأهلها { وجَعَلَ خلالها } أي: فيما بينها { أنهاراً وجعل لها رواسيَ } أي جبالاً ثوابتَ { وجعل بين البحرين حاجزاً } أي: مانعاً من قدرته بين العذْب والمِلْح ان يختلطا { بل أكثرهم لا يَعْلَمونَ } قَدْر عَظَمة الله.