الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِيۤ إِنَّكُم مّتَّبَعُونَ } * { فَأَرْسَلَ فِرْعَونُ فِي ٱلْمَدَآئِنِ حَاشِرِينَ } * { إِنَّ هَـٰؤُلاۤءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ } * { وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَآئِظُونَ } * { وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ } * { فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِّن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ } * { وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ } * { كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ }

قوله تعالى: { إِنَّكم مُتَّبَعُونَ } أي: يَتبعكم فرعون وقومه.

قوله تعالى: { إِنَّ هؤلاء } المعنى: وقال فرعون: إِن هؤلاء، يعني بني إِسرائيل { لَشِرْذِمَةٌ } قال ابن قتيبة: أي: طائفة. قال الزجاج: والشرذمة في كلام العرب: القليل. قال المفسرون: وكانوا ستمائة ألف، وإِنما استقلَّهم بالإِضافة إِلى جنده، وكان جنده لا يُحصى.

قوله تعالى: { وإِنَّهم لَنَا لَغَائِظُون } تقول: غاظني الشيء، إِذا أغضبك. قال ابن جرير: وذُكر أن غيظهم كان لقتل الملائكة من قَتَلَتْ من أبكارهم. قال: ويحتمل أن غيظهم لذهابهم بالعواري التي استعاروها من حُليِّهم، ويحتمل أن يكون لفراقهم إِياهم وخروجهم من أرضهم على كُره منهم.

قوله تعالى: { وإِنَّا لَجَمِيعٌ حَذِرون } قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو: { حَذِرون } بغير ألف. وقرأ الباقون: { حاذِرون } بألف. وهل بينهما فرق؟ فيه قولان.

أحدهما: أن الحاذر: المستعدُّ، والحذر: المتيقّظ، وجاء في التفسير أن معنى حاذرين: مُؤْدُون، أي: ذَوو أداة، وهي السلاح، لأنها أداة الحرب.

والثاني: أنهما لغتان معناهما واحد؛ قال أبو عبيدة: يقال: رجل حَذِرٌ وحَذُرٌ وحاذرٌ. والمَقام الكريم: المنزل الحسن.

وفي قوله: { كذلك } قولان.

أحدهما: كذلك أفعل بمن عصاني، قاله ابن السائب.

والثاني: الأمر كذلك، أي: كما وصفنا، قاله الزجاج.

قوله تعالى: { وأورثناها بني إِسرائيل } وذلك أن الله تعالى ردَّهم إِلى مصر بعد غرق فرعون، وأعطاهم ما كان لفرعون وقومه من المساكن والأموال. وقال ابن جرير الطبري: إِنما جعل ديار آل فرعون مُلْكاً لبني إِسرائيل، ولم يَرْدُدْهم إِليها لكنه جعل مساكنهم الشام.