الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ نَادَىٰ رَبُّكَ مُوسَىٰ أَنِ ٱئْتِ ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ } * { قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلا يَتَّقُونَ } * { قَالَ رَبِّ إِنِّيۤ أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ } * { وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلاَ يَنطَلِقُ لِسَانِي فَأَرْسِلْ إِلَىٰ هَارُونَ } * { وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنبٌ فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ } * { قَالَ كَلاَّ فَٱذْهَبَا بِآيَاتِنَآ إِنَّا مَعَكُمْ مُّسْتَمِعُونَ } * { فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولاۤ إِنَّا رَسُولُ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } * { أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ } * { قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيداً وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ } * { وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ ٱلَّتِي فَعَلْتَ وَأَنتَ مِنَ ٱلْكَافِرِينَ } * { قَالَ فَعَلْتُهَآ إِذاً وَأَنَاْ مِنَ ٱلضَّالِّينَ } * { فَفَرَرْتُ مِنكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً وَجَعَلَنِي مِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ } * { وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدتَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ }

قوله تعالى: { وإِذ نادى } المعنى: واتل هذه القصة على قومك.

قوله تعالى: { أن يُكَذِّبونِ } ياء { يُكَذِّبِونِ } محذوفة، ومثلهاأن يقتلون } [الشعراء:14]سيهدين } [الشعراء:62]فهو يدين } [الشعراء:78]ويسقين } [الشعراء:79]فهو يشفين } [الشعراء:80]ثم يحيين } [الشعراء:81]كذَّبون } [الشعراء:117]وأطيعون } [الشعراء:108] فهذه ثمان آيات أثبتهن في الحالين يعقوب.

قوله تعالى: { ويَضيقُ صَدْري } أي بتكذيبهم إِيّاي { ولا يَنْطَلِقُ لساني } للعُقدة التي كانت بلسانه. وقرأ يعقوب { ويَضيقَ } { ولا يَنطلقَ } بنصب القاف فيهما، { فأَرسِلْ إِلى هارونَ } المعنى: ليُعينني، فحُذف، لأن في الكلام دليلاً عليه، { ولهم عليَّ ذَنْب } وهو القتيل الذي وكزه فقضى عليه؛ والمعنى: ولهم عليَّ دعوى ذَنْب { فأخافُ أن يقتُلون } به { قال كَلاَّ } وهو ردع وزجر عن الإِقامة على هذا الظن؛ والمعنى: لن يقتلوك لأنّي لا اسلِّطهم عليك، { فاذهبا } يعني: أنت وأخوك { بآياتنا } وهي: ما أعطاهما من المعجزة { إِنَّا } يعني نفسه عز وجل { معكم } فأجراهما مجرى الجماعة { مستمِعونَ } نسمع ما تقولان وما يجيبونكما به.

قوله تعالى: { إِنَّا رسولُ ربِّ العالَمين } قال ابن قتيبة: الرسول يكون بمعنى الجميع، كقوله:هؤلاء ضَيفي } [الحجر:68] وقوله:ثُمَّ نُخْرِجُكم طِفْلاً } [الحج:5]. وقال الزجاج: المعنى: إِنْا رِسالةُ ربِّ العالَمين، أي: ذوو رسالة ربِّ العالمين، قال الشاعر:
لقَدْ كَذَبَ الوَاشُونَ ما بُحْتُ عِنْدَهُم   بِسرٍّ وَلا أرْسَلْتُهُمْ بِرَسُولِ
أي: برسالة. قوله تعالى: { أن أرسِلْ } المعنى: بأن أرسل { معنا بني إِسرائيل } أي: أَطْلِقْهم من الاستعباد، فأَتَياه فبلَّغاه الرسالة، فـ { قال ألم نُرَبِّكَ فينا وَليداً } أي: صبيّاً صغيراً { ولَبِثْتَ فينا مِنْ عُمُرِكَ سِنينَ } وفيها ثلاثة أقوال.

أحدها: ثماني عشرة سنة، قاله ابن عباس.

والثاني: أربعون سنة، قاله ابن السائب.

والثالث: ثلاثون سنة، قاله مقاتل، والمعنى: فجازيْتَنا على ان ربَّيناك أن كفرت نعمتنا، وقتلت منّا نفساً، وهو قوله: { وفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ } وهي قتل النفس. قال الفراء: وإِنما نُصِبَت الفاء، لأنها مرة واحدة، ولو أُريد بها مثل الجِلسة والمِشية جاز كسرها.

وفي قوله: { وأنت من الكافرين } قولان.

أحدهما: من الكافرين لنعمتي، قاله ابن عباس، وسعيد بن جبير، وعطاء، والضحاك، وابن زيد.

والثاني: من الكافرين بالهك، كنتَ معنا على ديننا الذي تعيب، قاله الحسن، والسدي. فعلى الاول: وأنت من الكافرين الآن. وعلى الثاني: وكنت.

وفي قوله: { وأنا من الضالِّين } ثلاثة أَقوال.

أحدها: من الجاهلين، قاله ابن عباس، ومجاهد، وسعيد بن جبير، وقتادة. وقال بعض المفسرين: المعنى: إِني كنت جاهلاً لم يأتني من الله شيء.

والثاني: من الخاطئين؛ والمعنى: إِني قتلت النفس خطأً، قاله ابن زيد.

والثالث: من الناسين؛ ومثلهأن تَضِلَّ إِحداهما } [البقرة:282]، قاله أبو عبيدة.

قوله تعالى: { ففرَرتُ منكم } أي: ذهبت من بينكم { لمَّا خِفْتُكم } على نفسي إلى مَدْيَنِ، وقرأ عاصم الجحدري، والضحاك، وابن يعمر { لِمَا } بكسر اللام وتخفيف الميم، { فوهَب لي ربِّي حُكْماً } وفيه قولان.

أحدهما: النبوَّة، قاله ابن السائب.

السابقالتالي
2