قوله تعالى: { أولئك يُجْزَوْنَ الغُرْفَةَ } قال ابن عباس: يعني الجنة. وقال غيره: الغرفة: كل بناءٍ عالٍ مرتفع، والمراد غرف الجنة، وهي من الزَّبَرجد والدُّرّ والياقوت، { بما صَبَروا } على دينهم وعلى أذى المشركين. قوله تعالى: { ويُلَقَّوْنَ فيها } قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وحفص عن عاصم: { ويُلَقَّوْنَ } بضم الياء وفتح اللام وتشديد القاف. وقرأ ابن عامر، وحمزة، والكسائي، وأبو بكر عن عاصم: { ويَلْقَوْنَ } بفتح الياء وسكون اللام وتخفيف القاف، { تحيَّةً وسلاماً } قال ابن عباس: يُحيِّي بعضُهم بعضاً بالسلام، ويرسل إِليهم الرَّبُّ عز وجل بالسلام. وقال مقاتل: { تحيةً } يعني السلام، { وسلاماً } أي سلَّم الله لهم أمرهم وتجاوز عنهم. قوله تعالى: { قل ما يَعْبَأُ بكم ربِّي } فيه ثلاثة أقوال. أحدها: ما يصنع بكم! قاله ابن عباس. والثاني: أيّ وزن يكون لكم عنده؛ تقول: ما عبأتُ بفلان، أي: ما كان له عندي وزن ولا قَدْر، قاله الزجاج. والثالث: ما يعبأ بعذابكم، قاله ابن قتيبة. وفي قوله: { لولا دُعاؤكم } أربعة أقوال. أحدها: لولا إِيمانكم، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس. والثاني: لولا عبادتكم، رواه الضحاك عن ابن عباس. والثالث: لولا دعاؤه إِيّاكم لِتعبُدوه، قاله مجاهد؛ والمراد نفع الخَلْق، لأن الله تعالى غير محتاج. والرابع: لولا توحيدكم، حكاه الزجاج. وعلى قول الأكثرين ليس في الآية إِضمار؛ وقال ابن قتيبة: فيها إِضمار تقديره: ما يعبأ بعذابكم لولا ما تَدْعونه من الشريك والولد، ويوضح ذلك [قوله]: { فسوف يكون لِزَاماً } يعني: العذاب، ومثله قول الشاعر:
مَنْ شَاءَ دَلَّى النَّفْسَ في هُوَّةٍ
ضَنْكٍ ولكِنْ مَنْ لَهُ بالمَضِيقْ
أي: بالخروج من المضيق. وهل هذا خطاب للمؤمنين، أو للكفار؟ فيه قولان. فأما قوله تعالى: { فقد كذَّبْتُم } فهو خطاب لأهل مكة حين كذَّبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، { فسوف يكون } يعني: تكذيبكم { لزَاماً } أي: عذاباً لازماً [لكم]؛ وفيه ثلاثة أقوال. أحدها: أنه قتلهم يوم بدر، فقُتلوا يومئذ، واتصل بهم عذاب الآخرة لازماً لهم، وهذا مذهب ابن مسعود، وأُبيِّ بن كعب، ومجاهد في آخرين. والثاني: أنه الموت، قاله ابن عباس. والثالث: أن اللِّزام: القتال، قاله ابن زيد.