قوله تعالى: { ولقد أَتواْ } يعني كفار مكة { على القرية التي أُمطرت مَطر السّوء } يعني قرية قوم لوط التي رُميتْ بالحجارة، { أفَلم يكونوا يَرَونها } في أسفارهم فيعتبروا؟! ثم أخبر بالذي جرَّأهم على التكذيب، فقال: { بل كانوا لا يَرْجُون نُشوراً } أي: لا يخافون بعثاً، هذا قول المفسرين. وقال الزجاج: الذي عليه أهل اللغة أن الرجاء ليس بمعنى الخوف، وإِنما المعنى: بل كانوا لا يرجون ثواب عمل الخير، فركبوا المعاصي. قوله تعالى: { وإِذا رأوكَ إِن يتَّخذونكَ } أي: ما يتخذونك { إِلا هُزُواً } أي: مهزوءاً به. ثم ذكر ما يقولون من الاستهزاء { أهذا الذي بَعَثَ اللّهُ رسولاً إِن كاد ليُضِلُّنَا عن آلهتنا } أي: ليصرفنا عن عبادة آلهتنا { لولا أن صَبَرْنَا عليها } أي: على عبادتها؛ قال الله تعالى: { وسوف يعلمون حين يَرَوْن العذابَ } في الآخرة { مَنْ أَضَلُّ } أي: مَنْ أَخطأُ طريقاً عن الهدى، أهم، أم المؤمنون. ثم عجَّب نبيَّه من جهلهم حين عبدوا ما دعاهم إِليه الهوى، فقال: { أرأيتَ من اتخذ إِلهه هواه } قال ابن عباس: كان أحدهم يعبد الحجر، فاذا رأى ما هو أحسن منه رمى به وعبد الآخَر. وقال قتادة: هو الكافر لا يهوى شيئاً إِلا ركبه. وقال ابن قتيبة: المعنى: يتَّبع هواه ويدع الحقَّ، فهو له كالإِله. قوله تعالى: { أفأنتَ تكونُ عليه وكيلاً } أي: حفيظا يحفظه من اتِّباع هواه. وزعم الكلبي أن هذه الآية منسوخة بآية القتال. قوله تعالى: { أم تَحْسَبُ أنَّ أكثرهم يَسمعون } يعني أهل مكة؛ والمراد: يسمعون سماع طالب الإِفهام { أو يعقلون } ما يعاينون من الحُجج والأعلام { إِن هم إِلاّ كالأنعام } وفي وجه تشبيههم بالأنعام قولان. أحدهما: أن الأنعام تسمع الصوت ولا تفقه القول. والثاني: أنه ليس لها همٌّ إِلا المأكل والمشرب. قوله تعالى: { بل هم أَضَلُّ سبيلاً } لأن البهائم تهتدي لمراعيها وتنقاد لأربابها وتُقبل على المحسِن إِليها، وهم على خلاف ذلك.