قال ابن عباس، والحسن، ومجاهد، وعكرمة، وقتادة في آخرين: هي مكية. وحكي عن ابن عباس وقتادة أنهما قالا: إِلا ثلاث آيات منها نزلت بالمدينة، وهي قوله:{ والذين لا يَدْعُون مع الله إِلهاً آخر } [الفرقان:68] إِلى قوله:{ غفوراً رحيماً } [الفرقان: 70]. قوله تعالى: { تبارك } قد شرحناه في [الأعراف: 54] والفُرقان: القرآن، سمي فُرقاناً، لأنه فُرق به بين الحق والباطل. والمراد بعبده: محمد صلى الله عليه وسلم، { ليكونَ } فيه قولان. أحدهما: أنه كناية عن عبده، قاله الجمهور. والثاني: عن القرآن، حكاه الماوردي. قوله تعالى: { للعالَمِين } يعني الجن والإِنس { نذيراً } [أي]: مخوِّفاً من عذاب الله. قوله تعالى: { فقدَّره تقديراً } فيه ثلاثة أقوال. أحدها: سوَّاه وهيَّأه لما يصلح له، فلا خلل فيه ولا تفاوت. والثاني: قَدَّر له ما يُصلحه ويُقيمه. والثالث: قدَّر له تقديراً من الأجَل والرِّزق. ثم ذكر ما صنعه المشركون، فقال: { واتَّخَذوا من دونه آلهة } يعني: الأصنام { لا يَخلُقون شيئاً وهم يُخلَقون } أي: وهي مخلوقة { ولا يَمْلِكون لأنفسهم ضَرّاً } أي: دَفْع ضرّ، ولا جَرّ نفع، لأنها جماد لا قُدرة لها، { ولا يَمْلِكون مَوْتاً } أي: لا تملك أن تُميت أحداً، ولا أن تحيي أحداً، ولا أن تبعث أحداً من الأموات؛ والمعنى: كيف يعبُدون ما هذه صفته، ويتركون عبادةَ من يقدر على ذلك كلِّه؟!