الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأَقْسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُل لاَّ تُقْسِمُواْ طَاعَةٌ مَّعْرُوفَةٌ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } * { قُلْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَّا حُمِّلْتُمْ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُواْ وَمَا عَلَى ٱلرَّسُولِ إِلاَّ ٱلْبَلاَغُ ٱلْمُبِينُ }

قوله تعالى: { وأَقسَموا بالله } قال المفسرون: لمّا نزل في هؤلاء المنافقين ما نزل من بيان كراهتهم لحكم الله، قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: والله لو أمرتنا أن نخرج من ديارنا وأموالنا ونسائنا لخرجنا، فكيف لا نرضى حكمك؟! فنزلت هذه الآية. وقد بيَّنَّا معنىجَهْدَ أيمانهم } [المائدة: 53] { لئن أمرتَهم لَيَخْرُجُنَّ } من أموالهم وديارهم، وقيل: ليخرجُنّ إِلى الجهاد، { قل لا تُقْسِموا } هذا تمام الكلام؛ ثم قال: { طاعةٌ معروفةٌ } قال الزجاج: المعنى: أَمْثَلُ من قَسَمِكم الذي لا تصدُقون فيه طاعةٌ معروفة. قال ابن قتيبة: وبعض النحويين يقول: الضمير فيها: لتكن منكم طاعة معروفة، أي: صحيحة لا نِفاق فيها.

قوله تعالى: { فان تَوَلَّوا } هذا خطاب لهم، والمعنى: فان تتولَّوا، فحذف إِحدى التاءين، ومعنى التولِّي: الإِعراض عن طاعة الله ورسوله، { فإنما عليه } يعني: الرسول، { ما حُمِّل } من التبليغ { وعليكم ما حُمِّلْتُم } من الطاعة؛ وذكر بعض المفسرين أن هذا منسوح بآية السيف، وليس بصحيح.

قوله تعالى: { وإِن تُطيعوه } يعني: رسول الله صلى الله عليه وسلم { تهتدوا } ، وكان بعض السلف يقول: مَنْ أمَّر السُّنَّة على نفسه قولاً وفعلاً، نطق بالحكمة، ومن أمَّر الهوى على نفسه قولاً وفعلاً، نطق بالبدعة، لقوله: { وإِن تُطيعوه تهتدوا }.