قوله تعالى: { ولقد أرسلْنا نوحاً إِلى قومه } قال المفسرون: هذا تعزية لرسول الله صلى الله عليه وسلم بذِكْر هذا الرسول الصابر ليتأسَّى به في صبره، وليعلم أن الرسل قبله قد كُذِّبوا. قوله تعالى: { يريد أن يتفضَّل عليكم } أي: يعلوكم بالفضيلة، فيصير متبوعاً، { ولو شاء الله } أن لا يُعبَد شيء سواه { لأنزل ملائكة } تبلّغ عنه أمره، لم يرسل بشراً { ما سمعنا بهذا } الذي يدعونا إِليه نوح من التوحيد { في آبائنا الأولين }. فأما الجِنَّةُ فمعناها: الجنون. وفي قوله: { حتى حين } قولان. أحدهما: أنه الموت، فتقديره: انتظروا موته. والثاني: أنه وقت منكَّر. قوله تعالى: { قال ربِّ انصرني } وقرأ عكرمة، وابن محيصن: «قال ربُّ» بضم الباء، وفي القصة الأخرى [المؤمنون: 39]. قوله تعالى: { بما كذَّبونِ } وقرأ يعقوب: «كذَّبوني» بياء، وفي القصة التي تليها أيضاً: «فاتقوني» [المؤمنون: 52] «أن يَحْضُروني» [المؤمنون: 98] «ربِّ ارجِعوني» [المؤمنون:99] «ولا تكلِّموني» [المؤمنون: 108] أثبتهن في الحالين يعقوب، والمعنى: انصرني بتكذيبهم، أي: انصرني بإهلاكهم جزاءً لهم بتكذيبهم. { فأوحينا إِليه } قد شرحناه في [هود: 37)] إِلى قوله: { فاسلك فيها } أي: أدخل في سفينتك { من كلٍّ زوجين اثنين } قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر، وحمزة، والكسائي، وأبو بكر عن عاصم: «من كلِّ» بكسر اللام من غير تنوين. وقرأ حفص عن عاصم: «من كلٍّ» بالتنوين. قال أبو علي: قراءة الجمهور إِضافة «كلّ» إِلى «زوجين»، وقراءة حفص تؤول إِلى زوجين، لأن المعنى: من كل الأزواج زوجين. قوله تعالى: { وقُلْ ربِّ أنزلني مُنْزَلاً } قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر، وحمزة، والكسائي، وحفص عن عاصم: «مُنْزَلاً» بضم الميم. وروى أبو بكر عن عاصم فتحها. والمَنزِلُ، بفتح الميم: اسم لكل ما نزلتَ به، والمُنْزَلُ، بضمها: المصدر بمعنى الإِنزال؛ تقول: أنزلتُه إِنزالاً ومُنْزَلاً. وفي الوقت الذي قال فيه نوح ذاك قولان. أحدهما: عند نزوله في السفينة. والثاني: عند نزوله من السفينة. قوله تعالى: { إِن في ذلك } أي: في قصة نوح وقومه { لآيات وإِنْ كُنَّا } أي: وما كنا { لَمُبْتَلِينَ } أي: لمختبرين إِياهم بإرسال نوح إِليهم. { ثم أنشأنا من بعدهم قرْناً آخَرين } يعني: عاداً { فأرسلنا فيهم رسولاً منهم } وهو هود، هذا قول الأكثرين؛ وقال أبو سليمان الدمشقي: هم ثمود، والرسول صالح. وما بعد هذا ظاهر إِلى قوله: { أَيَعِدُكُمْ أنَّكم } قال الزجاج: موضع «أنَّكم» نصب على معنى: أَيَعِدُكُمْ [أنَّكم] مخرجون إِذا مِتُّم، فلما طال الكلام أُعيد ذِكْر «أنَّ» كقوله:{ ألم يَعْلَمُوا أنَّه مَنْ يُحادِدِ الله ورسوله فأنَّ له نار جهنَّم } [التوبة: 63]. قوله تعالى: { هيهات هيهات } قرأ ابن كثير، ونافع، وعاصم، وأبو عمرو، وابن عامر، وحمزة، والكسائي: «هيهاتَ هيهاتَ» بفتح التاء فيهما في الوصل، وإِسكانها في الوقف.