الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَىٰ قَوْمِهِ فَقَالَ يٰقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ } * { فَقَالَ ٱلْمَلأُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ مَا هَـٰذَا إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُرِيدُ أَن يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لأَنزَلَ مَلاَئِكَةً مَّا سَمِعْنَا بِهَـٰذَا فِيۤ آبَآئِنَا ٱلأَوَّلِينَ } * { إِنْ هُوَ إِلاَّ رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ فَتَرَبَّصُواْ بِهِ حَتَّىٰ حِينٍ } * { قَالَ رَبِّ ٱنصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ } * { فَأَوْحَيْنَآ إِلَيْهِ أَنِ ٱصْنَعِ ٱلْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا فَإِذَا جَآءَ أَمْرُنَا وَفَارَ ٱلتَّنُّورُ فَٱسْلُكْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ ٱثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ ٱلْقَوْلُ مِنْهُمْ وَلاَ تُخَاطِبْنِي فِي ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ إِنَّهُمْ مُّغْرَقُونَ } * { فَإِذَا ٱسْتَوَيْتَ أَنتَ وَمَن مَّعَكَ عَلَى ٱلْفُلْكِ فَقُلِ ٱلْحَمْدُ للَّهِ ٱلَّذِي نَجَّانَا مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ } * { وَقُل رَّبِّ أَنزِلْنِي مُنزَلاً مُّبَارَكاً وَأَنتَ خَيْرُ ٱلْمُنزِلِينَ } * { إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَاتٍ وَإِن كُنَّا لَمُبْتَلِينَ } * { ثُمَّ أَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ } * { فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ أَنِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ } * { وَقَالَ ٱلْمَلأُ مِن قَوْمِهِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِلِقَآءِ ٱلآخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي ٱلْحَيـاةِ ٱلدُّنْيَا مَا هَـٰذَا إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ } * { وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَراً مِّثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذاً لَّخَاسِرُونَ } * { أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنتُمْ تُرَاباً وَعِظاماً أَنَّكُمْ مُّخْرَجُونَ } * { هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ } * { إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا ٱلدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ } * { إِنْ هُوَ إِلاَّ رَجُلٌ ٱفتَرَىٰ عَلَىٰ ٱللَّهِ كَذِباً وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ } * { قَالَ رَبِّ ٱنْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ } * { قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَّيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ } * { فَأَخَذَتْهُمُ ٱلصَّيْحَةُ بِٱلْحَقِّ فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَآءً فَبُعْداً لِّلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ } * { ثُمَّ أَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قُرُوناً آخَرِينَ } * { مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ } * { ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَا كُلَّ مَا جَآءَ أُمَّةً رَّسُولُهَا كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضاً وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ فَبُعْداً لِّقَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ }

قوله تعالى: { ولقد أرسلْنا نوحاً إِلى قومه } قال المفسرون: هذا تعزية لرسول الله صلى الله عليه وسلم بذِكْر هذا الرسول الصابر ليتأسَّى به في صبره، وليعلم أن الرسل قبله قد كُذِّبوا.

قوله تعالى: { يريد أن يتفضَّل عليكم } أي: يعلوكم بالفضيلة، فيصير متبوعاً، { ولو شاء الله } أن لا يُعبَد شيء سواه { لأنزل ملائكة } تبلّغ عنه أمره، لم يرسل بشراً { ما سمعنا بهذا } الذي يدعونا إِليه نوح من التوحيد { في آبائنا الأولين }. فأما الجِنَّةُ فمعناها: الجنون.

وفي قوله: { حتى حين } قولان.

أحدهما: أنه الموت، فتقديره: انتظروا موته.

والثاني: أنه وقت منكَّر.

قوله تعالى: { قال ربِّ انصرني } وقرأ عكرمة، وابن محيصن: «قال ربُّ» بضم الباء، وفي القصة الأخرى [المؤمنون: 39].

قوله تعالى: { بما كذَّبونِ } وقرأ يعقوب: «كذَّبوني» بياء، وفي القصة التي تليها أيضاً: «فاتقوني» [المؤمنون: 52] «أن يَحْضُروني» [المؤمنون: 98] «ربِّ ارجِعوني» [المؤمنون:99] «ولا تكلِّموني» [المؤمنون: 108] أثبتهن في الحالين يعقوب، والمعنى: انصرني بتكذيبهم، أي: انصرني بإهلاكهم جزاءً لهم بتكذيبهم. { فأوحينا إِليه } قد شرحناه في [هود: 37)] إِلى قوله: { فاسلك فيها } أي: أدخل في سفينتك { من كلٍّ زوجين اثنين } قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر، وحمزة، والكسائي، وأبو بكر عن عاصم: «من كلِّ» بكسر اللام من غير تنوين. وقرأ حفص عن عاصم: «من كلٍّ» بالتنوين. قال أبو علي: قراءة الجمهور إِضافة «كلّ» إِلى «زوجين»، وقراءة حفص تؤول إِلى زوجين، لأن المعنى: من كل الأزواج زوجين.

قوله تعالى: { وقُلْ ربِّ أنزلني مُنْزَلاً } قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر، وحمزة، والكسائي، وحفص عن عاصم: «مُنْزَلاً» بضم الميم. وروى أبو بكر عن عاصم فتحها. والمَنزِلُ، بفتح الميم: اسم لكل ما نزلتَ به، والمُنْزَلُ، بضمها: المصدر بمعنى الإِنزال؛ تقول: أنزلتُه إِنزالاً ومُنْزَلاً.

وفي الوقت الذي قال فيه نوح ذاك قولان.

أحدهما: عند نزوله في السفينة.

والثاني: عند نزوله من السفينة.

قوله تعالى: { إِن في ذلك } أي: في قصة نوح وقومه { لآيات وإِنْ كُنَّا } أي: وما كنا { لَمُبْتَلِينَ } أي: لمختبرين إِياهم بإرسال نوح إِليهم. { ثم أنشأنا من بعدهم قرْناً آخَرين } يعني: عاداً { فأرسلنا فيهم رسولاً منهم } وهو هود، هذا قول الأكثرين؛ وقال أبو سليمان الدمشقي: هم ثمود، والرسول صالح. وما بعد هذا ظاهر إِلى قوله: { أَيَعِدُكُمْ أنَّكم } قال الزجاج: موضع «أنَّكم» نصب على معنى: أَيَعِدُكُمْ [أنَّكم] مخرجون إِذا مِتُّم، فلما طال الكلام أُعيد ذِكْر «أنَّ» كقوله:ألم يَعْلَمُوا أنَّه مَنْ يُحادِدِ الله ورسوله فأنَّ له نار جهنَّم } [التوبة: 63].

قوله تعالى: { هيهات هيهات } قرأ ابن كثير، ونافع، وعاصم، وأبو عمرو، وابن عامر، وحمزة، والكسائي: «هيهاتَ هيهاتَ» بفتح التاء فيهما في الوصل، وإِسكانها في الوقف.

السابقالتالي
2 3