الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي ٱلأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ } * { قَالُواْ لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَسْئَلِ ٱلْعَآدِّينَ } * { قَالَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً لَّوْ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } * { أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ } * { فَتَعَالَى ٱللَّهُ ٱلْمَلِكُ ٱلْحَقُّ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ ٱلْعَرْشِ ٱلْكَرِيمِ } * { وَمَن يَدْعُ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـهَا آخَرَ لاَ بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ٱلْكَافِرُونَ } * { وَقُل رَّبِّ ٱغْفِرْ وَٱرْحَمْ وَأنتَ خَيْرُ ٱلرَّاحِمِينَ }

قوله تعالى: { قال كم لبثتم } قرأ نافع، وعاصم، وأبو عمرو، وابن عامر: «قال كم لبثتم» وهذا سؤال الله تعالى للكافرين. وفي وقته قولان.

أحدهما: أنه يسألهم يوم البعث.

والثاني: بعد حصولهم في النار.

وقرأ ابن كثير، وحمزة، والكسائي: «قل كم لبثتم» وفيها قولان.

أحدهما: أنه خطاب لكل واحد منهم، والمعنى: قل يا أيها الكافر.

والثاني: أن المعنى: قولوا، فأخرجه مخرج الأمر للواحد، والمراد الجماعة، لأن المعنى مفهوم. وأبو عمرو، وحمزة، والكسائي يدغمون ثاء «لبثتم»، والباقون لا يدغمونها؛ فمن أدغم، فلتقارب مخرج الثاء والتاء، ومن لم يدغم، فلتباين المخرجين.

وفي المراد بالأرض قولان.

أحدهما: أنها القبور.

والثاني: الدنيا. فاحتقر القوم ما لبثوا لِما عاينوا من الأهوال والعذاب فقالوا: { لبثنا يوماً أو بعض يوم } قال الفراء: والمعنى: لا ندري كم لبثنا.

وفي المراد بالعادِّين قولان.

أحدهما: الملائكة، قاله مجاهد.

والثاني: الحُسَّاب، قاله قتادة، وقرأ الحسن، والزهري، وأبو عمران الجوني، وابن يعمر: «العادِين» بتخفيف الدال.

قوله تعالى: { قال إِن لبثتُم } قرأ ابن كثير، ونافع، وعاصم، وأبو عمرو، وابن عامر: «قال إِن لبثتم». وقرأ حمزة، والكسائي: «قل إِن لبثتم» على معنى: قل أيها السائل عن لبثهم. وزعموا أن في مصحف أهل الكوفة «قل» في الموضعين، فقرأهما حمزة، والكسائي على ما في مصاحفهم، أي: ما لبثتم في الأرض { إِلاَّ قليلاً } لأن مكثهم في الأرض وإِن طال، فإنه مُتَنَاهٍ، ومكثهم في النار لا يتناهى.

وفي قوله: { لو أنَّكم كنتم تَعْلَمون } قولان.

أحدهما: لو علمتم قدر لبثكم في الأرض.

والثاني: لم علمتم أنكم إِلى الله ترجعون، فعملتم لذلك.

قوله تعالى: { أَفَحَسِبْتُم } أي: أفظننتم { أنَّما خَلَقْناكم عَبَثاً } أي: للعبث؛ والعبث في اللغة: اللعب، وقيل: هو الفعل لا لغرض صحيح، { وأنَّكم إِلينا لا تُرجعون } قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وعاصم: «لا تُرْجَعون» بضم التاء. وقرأ حمزة، والكسائي بفتحها. { فتعالى الله } عمَّا يَصِفُه به الجاهلون من الشِّرك والولد، { الملِكُ } قال الخطّابي: هو التامّ المُلك الجامع لأصناف المملوكات. وأما المالك: فهو الخالص المُلك. وقد ذكرنا معنى «الحق» في [يونس: 32].

قوله تعالى: { ربُّ العرشِ الكريمِ } والكريم في صفة الجماد بمعنى: الحسن. وقرأ ابن محيصن: «الكريمُ» برفع الميم، يعني اللهَ عز وجل.

قوله تعالى: { لا بُرهان له به } أي: لا حُجَّة له به ولا دليل؛ وقال بعضهم: معناه: فلا برهان له به.

قوله تعالى: { فإِنما حسابه عند ربه } أي: جزاؤه عند ربِّه.