قوله تعالى: { إِن الله يدافع عن الذين آمنوا } قرأ ابن كثير، وأبو عمرو: «يدفع» «ولولا دفع الله» بغير ألف، وهذا على مصدر «دَفَع». وقرأ عاصم، وابن عامر، وحمزة، والكسائي: «إِن الله يدافع» بألف «ولولا دفع» بغير ألف، وهذا على مصدر «دافعَ»، والمعنى: يدفع عن الذين آمنوا غائلة المشركين بمنعهم منهم ونصرهم عليهم. قال الزجاج: والمعنى: إِذا فعلتم هذا وخالفتم الجاهلية فيما يفعلونه من نحرهم وإِشراكهم، فإن الله يدفع عن حزبه. والـ «خَوَّان» فَعّال من الخيانة، والمعنى: أنَّ مَنْ ذكر غير اسم الله، وتقرَّب إِلى الأصنام بذبيحته، فهو خوَّان. قوله تعالى: { أُذِنَ للَّذين يُقاتَلون بأنهم ظُلِمُوا } قرأ ابن كثير، وابن عامر، وحمزة، والكسائي: «أَذِنَ» بفتح الألف. وقرأ نافع، وأبو عمرو، وأبو بكر، وحفص عن عاصم: «أُذِنَ» بضمها. قوله تعالى: { للذين يقاتَلون } قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وحمزة، والكسائي، وأبو بكر عن عاصم: بكسر التاء. وقرأ نافع، وابن عامر، وحفص عن عاصم: بفتحها. قال ابن عباس: " كان مشركوا أهل مكة يؤذون أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول لهم: «اصبروا، فإني لم أُومر بالقتال» " حتى هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله هذه الآية، وهي أول آية أُنزلت في القتال. وقال مجاهد: هم ناس خرجوا من مكة مهاجرين، فأدركهم كفار قريش، فأُذن لهم في قتالهم. قال الزجاج: معنى الآية: أُذن للذين يقاتَلون أن يقاتِلوا. { بأنهم ظُلموا } أي: بسبب ما ظُلموا. ثم وعدهم النصر بقوله: { وإِنَّ الله على نصرهم لقدير } ولا يجوز أن تقرأ بفتح «إِن» هذه من غير خلاف بين أهل اللغة، لأن «إِنَّ» إِذا كانت معها اللام، لم تُفتح أبداً. وقوله: { إِلا أن يقولوا ربُّنا الله } معناه: أُخرِجوا لتوحيدهم. قوله تعالى: { ولولا دَفْعُ الله الناسَ } قد فسرناه في [البقرة: 251]. قوله تعالى: { لهدِّمت } قرأ ابن كثير، ونافع: «لَهُدِمَتْ» خفيفة، والباقون بتشديد الدال. فأما الصوامع، ففيها قولان. أحدهما: أنها صوامع الرهبان، قاله ابن عباس، وأبو العالية، ومجاهد، وابن زيد. والثاني: أنها صوامع الصابئين، قاله قتادة، وابن قتيبة. فأما البِيَع، فهي جمع بِيعة، وهي بِيَع النصارى. وفي المراد بالصلوات قولان. أحدهما: مواضع الصلوات. ثم فيها قولان. أحدهما: أنها كنائس اليهود، قاله قتادة، والضحاك، وقرأت على شيخنا أبي منصور اللغوي، قال: قوله تعالى: { وصلوات } هي كنائس اليهود، وهي بالعبرانية «صلوثا». والثاني: أنها مساجد الصابئين، قاله أبو العالية. والقول الثاني: أنها الصلوات حقيقة، والمعنى: لولا دفع الله عن المسلمين بالمجاهدين، لانقطعت الصلوات في المساجد، قاله ابن زيد. فأما المساجد، فقال ابن عباس: هي مساجد المسلمين. وقال الزجاج: معنى الآية: لولا دفع بعض الناس ببعض لهدّمت في زمن موسى الكنائس، وفي زمن عيسى الصوامع والبِيَع، وفي زمن محمد المساجد.