الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ وَتَقَطَّعُوۤاْ أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ } * { فَمَن يَعْمَلْ مِنَ ٱلصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلاَ كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ } * { وَحَرَامٌ عَلَىٰ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَآ أَنَّهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ } * { حَتَّىٰ إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ } * { وَٱقْتَرَبَ ٱلْوَعْدُ ٱلْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يٰوَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَـٰذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ } * { إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمْ لَهَا وَارِدُونَ } * { لَوْ كَانَ هَـٰؤُلاۤءِ آلِهَةً مَّا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ } * { لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَهُمْ فِيهَا لاَ يَسْمَعُونَ }

قوله تعالى: { وحرام على قرية } قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر، وحفص عن عاصم: «وحرام» بألف. وقرأ حمزة، والكسائي، وأبو بكر عن عاصم: «وحِرْم» بكسر الحاء من غير ألف، وهما لغتان. يقال: حِرْم وحرام. وقرأ معاذ القارىء، وأبو المتوكل، وأبو عمران الجوني: «حَرْمٌ» بفتح الحاء وسكون الراء من غير ألف والميم مرفوعة منوَّنة. وقرأ سعيد بن جبير: «وحَرْمَ» بفتح الحاء وسكون الراء وفتح الميم من غير تنوين ولا ألف. وقرأ أبو الجوزاء، وعكرمة، والضحاك: «وحَرِمَ» بفتح الحاء والميم وكسر الراء من غير تنوين ولا ألف. وقرأ سعيد بن المسيب، وأبو مجلز، وأبو رجاء: «وحَرُمَ» بفتح الحاء وضم الراء ونصب الميم من غير ألف.

وفي معنى قوله تعالى: «وحرام» قولان.

أحدهما: واجب، قاله ابن عباس، وأنشدوا في معناه:
فَإنَّ حَرَاماً لاَ أَرَى الدَّهْرَ بَاكِياً   عَلَى شَجْوِه إِلاَّ بَكَيْتُ على عَمْرو
أي: واجب.

والثاني: أنه بمعنى العزم، قاله سعيد بن جبير. وقال عطاء: حتم من الله. والمراد بالقرية: أهلها.

ثم في معنى الآية أربعة أقوال.

أحدها: واجب على قرية أهلكناها أنهم لا يتوبون، رواه عكرمة عن ابن عباس.

والثاني: واجب عليها أنها إِذا أُهلكت لا ترجع إِلى دنياها، هذا قول قتادة؛ وقد روي عن ابن عباس نحوه.

والثالث: أن «لا» زائدة؛ والمعنى: حرام على قرية مهلكة أنهم يرجعون إِلى الدنيا، قاله ابن جريج، وابن قتيبة في آخرين.

والرابع: أن الكلام متعلق بما قبله، لأنه لما قال: «فلا كفران لسعيه» أعلمنا أنه قد حرَّم قبول أعمال الكفار؛ فمعنى الآية: وحرام على قرية أهلكناها أن يُتقبَّل منهم عمل، لأنهم لا يتوبون، هذا قول الزجاج.

فإن قيل: كيف يصح أن يحرم على الإِنسان ما ليس من فعله، ورجوعهم بعد الموت ليس إِليهم؟

فالجواب: أن المعنى: مُنعوا من ذلك، كما يُمنع الإِنسان من الحرام وإِن قدر عليه، فكان التشبيه بالتحريم للحالتين من حيث المنع.

قوله تعالى: { حتى إِذا فُتِحَتْ يأجوجُ ومأجوجُ } وقرأ ابن عامر: «فُتِّحت» بالتشديد، والمعنى: فُتح الردم عنهم { وهم من كل حَدب } قال ابن قتيبة: من كل نشَز من الأرض وأكَمة { يَنْسِلون } من النَّسَلان: وهو مقاربة الخطو مع الإِسراع، كمشي الذئب إِذا بادر، والعَسَلان مثله. وقال الزجاج: الحَدَبُ: كل أَكَمَة، و«يَنْسِلون»: يُسرعون. وقرأ أبو رجاء العطاردي، وعاصم الجحدري: «يَنْسُلون» بضم السين.

وفي قوله تعالى: { وهم } قولان.

أحدهما: أنه إِشارة إِلى يأجوج ومأجوج، قاله الجمهور.

والثاني: إِلى جميع الناس؛ فالمعنى: وهم يُحشَرون إِلى الموقف، قاله مجاهد. والأول أصح.

فإن قيل: أين جواب «حتى»؟ ففيه قولان.

أحدهما: أنه قوله تعالى: { واقترب الوعد الحق } والواو في قوله تعالى: «واقترب» زائدة، قاله الفراء.

السابقالتالي
2 3