قوله تعالى: { فهل أنتم مسلمون } قال ابن عباس: فهل أنتم مخلِصون له العبادة؟ قال أهل المعاني: هذا استفهام بمعنى الأمر. قوله تعالى: { فإن تَوَلَّوا } أي: أَعْرَضُوا ولم يؤمنوا { فقل آذنتُكم على سواءٍ } في معنى الكلام قولان. أحدهما: نابذتُكم وعاديتُكم وأعلمتُكم ذلك، فصرتُ أنا وأنتم على سواءٍ قد استوينا في العلم بذلك، وهذا من الكلام المختصر، قاله ابن قتيبة. والثاني: أعلمتكم بالوحي إِليَّ لتستووا في الإِيمان به، قاله الزجاج. قوله تعالى: { وإِن أدري } أي: وما أدري { أقريبٌ أم بعيد ما توعدون } بنزول العذاب بكم. { إِنه يعلم الجهر } وهو ما يقولونه للنبي صلى الله عليه وسلم{ متى هذا الوعد } [يس: 48]، و { ما تَكْتُمون } إِسرارُهم أن العذاب لا يكون. قوله تعالى: { لَعَلَّهُ فتنةٌ لكم } في هاء «لَعَلَّه» قولان. أحدهما: أنها ترجع إِلى ما آذنهم به، قاله الزجاج. والثاني: إِلى العذاب؛ فالمعنى: لعل تأخير العذاب عنكم فتنة، قاله ابن جرير، وأبو سليمان الدمشقي. ومعنى الفتنة هاهنا: الاختبار، { ومتاعٌ إِلى حين } أي: تستمعون إِلى انقضاء آجالكم. { قُلْ رَبِّ } وروى حفص عن عاصم: «قال رَبِّ» { احكم } قرأ أبو جعفر: «ربُّ احكم» بضم الباء. وروى زيد عن يعقوب: «ربِّيَ» بفتح الياء «أَحْكَمُ» بقطع الهمزة وفتح الكاف ورفع الميم. ومعنى «احكم بالحق» أي: بعذاب كفار قومي الذي نزوله حقٌّ، فحكَم عليهم بالقتل في يوم بدر وفيما بعده من الأيام؛ والمعنى على هذا: افصل بيني وبين المشركين بما يظهر به الحق. ومعنى { على ما تصفون } أي: من كذبكم وباطلكم. وقرأ ابن عامر، والمفضل عن عاصم: «يصفون» بالياء. فإن قيل: فهل يجوز على الله أن يحكُم بغير الحق؟ فالجواب: أن المعنى: احكم بحكمك الحق، كأنه استعجل النصر عليهم.