الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ وَكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْماً آخَرِينَ } * { فَلَمَّآ أَحَسُّواْ بَأْسَنَآ إِذَا هُمْ مِّنْهَا يَرْكُضُونَ } * { لاَ تَرْكُضُواْ وَٱرْجِعُوۤاْ إِلَىٰ مَآ أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ } * { قَالُواْ يٰوَيْلَنَآ إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ } * { فَمَا زَالَت تِلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّىٰ جَعَلْنَاهُمْ حَصِيداً خَامِدِينَ }

ثم خوَّفهم فقال: { وكم قصمنا } قال المفسرون واللغويون: معناه: وكم أهلكنا، وأصل القصم: الكسر. وقوله: { كانت ظالمة } ، أي: كافرة، والمراد: أهلها. { فلما أَحَسُّوا بأسنا } أي: رأَوا عذابنا بحاسَّة البصر { إِذا هم منها يَرْكُضون } أي: يَعْدُون، وأصل الرَّكْض: تحريكُ الرِّجلين، يقال: رَكَضْتُ الفَرَس: إِذا أَعْدَيته بتحريك رِجليكَ فعدا.

قوله تعالى: { لا تَرْكُضوا } قال المفسرون: هذا قول الملائكة لهم: { وارجعوا إِلى ما أُترفتم فيه } أي: إِلى نعَمكم التي أترفتْكم، وهذا توبيخ لهم.

وفي قوله: { لعلكم تُسأَلون } قولان.

أحدهما: تُسألون من دنياكم شيئاً، استهزاءً بهم، قاله قتادة.

والثاني: تُسأَلون عن قتل نبيِّكم، قاله ابن السائب. فلما أيقنوا بالعذاب { قالوا يا ويلنا إِنَّا كنَّا ظالمين } بكفرنا، وقيل: بتكذيب نبيِّنا. { فما زالت تلك دعواهم } ، أي: ما زالت تلك الكلمة التي هي «يا ويلنا إِنَّا كنَّا ظالمين» قولهم يردِّدونها { حتى جعلناهم حصيداً } بالعذاب، وقيل: بالسيوف { خامدين } ، أي: ميتين كخمود النار إِذا طُفِئَتْ.