الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آيَاتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وَأَبَىٰ } * { قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يٰمُوسَىٰ } * { فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِّثْلِهِ فَٱجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً لاَّ نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلاَ أَنتَ مَكَاناً سُوًى } * { قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ ٱلزِّينَةِ وَأَن يُحْشَرَ ٱلنَّاسُ ضُحًى } * { فَتَوَلَّىٰ فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتَىٰ } * { قَالَ لَهُمْ مُّوسَىٰ وَيْلَكُمْ لاَ تَفْتَرُواْ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً فَيُسْحِتَكُم بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ ٱفْتَرَىٰ } * { فَتَنَازَعُوۤاْ أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّواْ ٱلنَّجْوَىٰ } * { قَالُوۤاْ إِنْ هَـٰذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَن يُخْرِجَاكُمْ مِّنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ ٱلْمُثْلَىٰ } * { فَأَجْمِعُواْ كَيْدَكُمْ ثُمَّ ٱئْتُواْ صَفّاً وَقَدْ أَفْلَحَ ٱلْيَوْمَ مَنِ ٱسْتَعْلَىٰ }

قوله تعالى: { ولقد أريناه } يعني: فرعون { آياتِنا كُلَّها } يعني: التسع الآيات، ولم ير كلَّ آية لله، لأنها لا تُحصى، { فكذَّب } أي: نسب الآيات إِلى الكذب، وقال: هذا سِحْر { وأبى } أن يؤمن { قال أجئتَنا لتُخرجنا من أرضنا } يعني: مصر { بِسِحْرك } أي: تريد أن تغلب على ديارنا بسحرك فتملكها وتخرجنا منها { فلنأْتينَّك بِسِحْرٍ مثلِه } أي: فلنقابلنَّ ما جئتَ به من السِّحر بمثله { فاجعل بيننا وبينكَ موعداً } أي: اضرب بيننا وبينكَ أجَلاً وميقاتاً { لا نُخْلِفُه } أي: لا نجاوزه { نحنُ ولا أنتَ مكاناً } وقيل: المعنى: اجعل بيننا وبينكَ موعداً مكاناً نتواعد لحضورنا ذلك المكان، ولا يقع مِنَّا خلاف في حضوره. { سوىً } قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، والكسائي بكسر السين. وقرأ ابن عامر، وعاصم، وحمزة، وخلف، ويعقوب: «سُوىً» بضمها. وقرأ أُبيُّ بن كعب، وأبو المتوكل، وابن أبي عبلة: «مكاناً سَواءً» بالمد والهمز والنصب والتنوين وفتح السين. وقرأ ابن مسعود مثله، إِلا أنه كسر السين. قال أبو عبيدة: هو اسم للمكان النصف فيما بين الفريقين، والمعنى: مكاناً تستوي مسافته على الفريقين، فتكون مسافة كل فريق إِليه كمسافة الفريق الآخر. { قال موعدكم يومُ الزينة } قرأ الجمهور برفع الميم. وقرأ الحسن، ومجاهد، [وقتادة]، وابن أبي عبلة، وهبيرة عن حفص بنصب الميم. وفي هذا اليوم أربعة أقوال.

أحدها: يوم عيد لهم، رواه أبو صالح عن ابن عباس، والسدي عن أشياخه، وبه قال مجاهد، وقتادة، وابن زيد.

والثاني: يوم عاشوراء، رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس.

والثالث: يوم النيروز، ووافق ذلك يوم السبت أول يوم من السنة، رواه الضحاك عن ابن عباس.

والرابع: يوم سوق لهم، قاله سعيد بن جبير.

وأما رفع اليوم، فقال البصريون: التقدير: وقتُ موعدكم يومُ الزينة، فناب الموعد عن الوقت، وارتفع به ما كان يرتفع بالوقت إِذا ظهر. فأما نصبه، فقال الزجاج: المعنى: موعدُكم يقع يوم الزينة، { وأن يُحْشَر الناس } موضع «أن» رفع، المعنى: موعدكم حشر الناس { ضحى } أي: إِذا رأيتم الناس قد حُشروا ضحى. ويجوز أن تكون «أن» في موضع خفض عطفاً على الزينة، المعنى: موعدكم يوم الزينة ويوم حشر الناس ضحىً. وقرأ ابن مسعود، وابن يعمر، وعاصم الجحدري: «وأن تَحْشُر» بتاء مفتوحة ورفع الشين ونصب «الناسَ». وعن ابن مسعود، والنخعي: «وأن يَحشُر» بالياء المفتوحة ورفع الشين ونصب «الناسَ».

قال المفسرون: أراد بالناس: أهلَ مصر، وبالضحى: ضحى اليوم، وإِنما علَّقه بالضحى، ليتكامل ضوء الشمس واجتماع الناس، فيكون أبلغَ في الحجة وأبعدَ من الريبة.

{ فتولَّى فرعون } فيه قولان.

أحدهما: أن المعنى: تولَّى عن الحق الذي أُمِر به.

والثاني: أنه انصرف إِلى منزله لاستعداد ما يلقى به موسى، { فجمع كيده } أي: مكره وحيلته { ثم أتى } أي: حضر الموعد.

السابقالتالي
2 3