الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ زَهْرَةَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ } * { وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِٱلصَّلاَةِ وَٱصْطَبِرْ عَلَيْهَا لاَ نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَٱلْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَىٰ }

قوله تعالى: { ولا تَمُدَّنَّ عينيكَ } سبب نزولها، ما روى أبو رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: " نزل ضيف برسول الله صلى الله عليه وسلم، فدعاني فأرسلني إِلى رجل من اليهود يبيع طعاماً، فقال: قل له: إِن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «بعني كذا وكذا من الدقيق، أو أسلفني إِلى هلال رجب»، فأتيته فقلت له ذلك، فقال اليهودي: والله لا أبيعه ولا أسلفه إِلا برهن، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرتُه، فقال: «والله لو باعني أو أسلفني لقضيته، وإِني لأمين في السماء أمين في الأرض، اذهب بدرعي الحديد إِليه» " ، فنزلت هذه الآية تعزية له عن الدنيا. قال أُبيّ بن كعب: من لم يتعزَّ بعزاء الله تقطَّعت نفسه حسراتٍ على الدنيا. وقد مضى تفسير هذه الآية في آخر [الحجر: 88].

قوله تعالى: { زهرةَ الحياة الدنيا } وقرأ ابن مسعود، والحسن، والزهري، ويعقوب: «زَهَرة» بفتح الهاء. قال الزجاج: وهو منصوب بمعنى «متَّعنا»، لأن معنى «متَّعنا»: جعلنا لهم الحياة الدنيا زهرة، { لنفتنهم فيه } أي: لنجعل ذلك فتنة لهم. وقال ابن قتيبة: لنختبرهم. قال المفسرون: زهرة الدنيا: بهجتها وغضارتها وما يروق الناظر منها عند رؤيته، وهو من زهرة النبات وحسنه.

قوله تعالى: { ورزق ربِّك خير وأبقى } فيه قولان.

أحدهما: أنه ثوابه في الآخرة.

والثاني: القناعة.

قوله تعالى: { وأْمُرْ أهلكَ بالصلاة } قال المفسرون: المراد بأهله: قومه ومن كان على دينه: ويدخل في هذا أهل بيته.

قوله تعالى: { واصطبر عليها } أي: واصبر على الصلاة { لا نسألكَ رزقاً } أي: لا نكلِّفك رزقاً لنفسك ولا لِخَلقنا، إِنما نأمرك بالعبادة ورزقُكَ علينا، { والعاقبةُ للتقوى } أي: وحُسن العاقبة لأهل التقوى. وكان بكر بن عبد الله المزني إِذا أصاب أهلَه خصاصةٌ قال: قوموا فصلُّوا، ثم يقول: بهذا أمر الله تعالى ورسوله، ويتلو هذه الآية.