الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَىٰ } * { إِذْ رَأَى نَاراً فَقَالَ لأَهْلِهِ ٱمْكُثُوۤاْ إِنِّيۤ آنَسْتُ نَاراً لَّعَلِّيۤ آتِيكُمْ مِّنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى ٱلنَّارِ هُدًى } * { فَلَمَّآ أَتَاهَا نُودِيَ يٰمُوسَىٰ } * { إِنِّيۤ أَنَاْ رَبُّكَ فَٱخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِٱلْوَادِ ٱلْمُقَدَّسِ طُوًى } * { وَأَنَا ٱخْتَرْتُكَ فَٱسْتَمِعْ لِمَا يُوحَىۤ } * { إِنَّنِيۤ أَنَا ٱللَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاۤ أَنَاْ فَٱعْبُدْنِي وَأَقِمِ ٱلصَّلاَةَ لِذِكْرِيۤ } * { إِنَّ ٱلسَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَىٰ } * { فَلاَ يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَن لاَّ يُؤْمِنُ بِهَا وَٱتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَىٰ }

قوله تعالى: { وهل أتاكَ حديث موسى } هذا استفهام تقرير، ومعناه: قد أتاك. قال ابن الأنباري: وهذا معروف عند اللغويين أن تأتي «هل» معبرة عن «قد»، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أفصح العرب: " اللهم هل بلَّغتُ " يريد: قد بلَّغت.

قال وهب بن منبِّه: استأذن موسى شعيباً عليهما السلام في الرجوع إِلى والدته، فأذن له، فخرج بأهله، فوُلد له في الطريق في ليلة شاتية، فقدح فلم يُور الزِّناد، فبينا هو في مزاولة ذلك، أبصر ناراً من بعيد عن يسار الطريق؛ وقد ذكرنا هذا الحديث بطوله في كتاب «الحدائق» فكرهنا إِطالة التفسير بالقصص، لأن غرضنا الاقتصار على التفسير ليسهل حفظه. قال المفسرون: رأى نوراً، ولكن أخبر بما كان في ظن موسى. { فقال لأهله } يعنى: امرأته { امكثوا } اي: أقيموا مكانكم. وقرأ حمزة: «لأَهْلِهُ امْكُثُوا» بضم الهاء هاهنا وفي [القصص: 29]. { إِنِّي آنستُ ناراً } قال الفراء: إِني وجدت، يقال: هل آنستَ أحداً، أي: وجدتَ؟ وقال ابن قتيبة: «آنستُ» بمعنى أبصرتُ. فأما القَبَس، فقال الزجاج: هو ما أخذته من النار في رأس عود أو في رأس فتيلة.

قوله تعالى: { أو أَجِدُ على النّار هدىً } قال الفراء: أراد: هادياً، فذكره بلفظ المصدر. قال ابن الأنباري: يجوز أن تكون «على» هاهنا بمعنى «عند»، وبمعنى «مع»، وبمعنى الباء. وذكر أهل التفسير أنه كان قد ضَلَّ الطريق، فعلم أن النار لا تخلو من مُوقِد. وحكى الزجاج: أنه ضل عن الماء، فرجا أن يجد من يهديه الطريق أو يدلّه على الماء.

قوله تعالى: { فلما أتاها } يعني: النار { نودي يا موسى إِنّي أنا ربُّك } إِنما كرَّر الكناية، لتوكيد الدلالة وتحقيق المعرفة وإِزالة الشبهة، ومثلهإِنّي أنا النذير المبين } [الحجر: 89]. قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وأبو جعفر: «أَنِّيَ» بفتح الألف والياء. وقرأ نافع، وعاصم، وابن عامر، وحمزة، والكسائي: «إِنِّي» بكسر الألف، إِلا أن نافعاً فتح الياء. قال الزجاج: من قرأ: «أَنِّي أنا» بالفتح، فالمعنى: نودي [بأني أنا ربك، ومن قرأ بالكسر، فالمعنى: نودي] يا موسى، فقال الله: إِنِّي أنا ربُّك.

قوله تعالى: { فاخلع نعليكَ } في سبب أمره بخلعهما قولان.

أحدهما: أنهما كانا من جلدِ حمارٍ ميت، رواه ابن مسعود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبه قال علي ابن أبي طالب كرم الله وجهه، وعكرمة.

والثاني: أنهما كانا من جلد بقرة ذُكِّيتْ، ولكنه أُمر بخلعهما ليباشر تراب الأرض المقدسة، فتناله بركتها، قاله الحسن، وسعيد بن جبير، ومجاهد، وقتادة.

قوله تعالى: { إِنَّكَ بالواد المقدَّس } فيه قولان قد ذكرناهما في [المائدة: 21] عند قوله: { الأرضَ المقدسةَ }.

قوله تعالى: { طُوى } قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو: «طُوى وأنا» غير مُجْراة.

السابقالتالي
2 3