الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفاً } * { فَيَذَرُهَا قَاعاً صَفْصَفاً } * { لاَّ تَرَىٰ فِيهَا عِوَجاً وَلاۤ أَمْتاً } * { يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ ٱلدَّاعِيَ لاَ عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ ٱلأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَـٰنِ فَلاَ تَسْمَعُ إِلاَّ هَمْساً } * { يَوْمَئِذٍ لاَّ تَنفَعُ ٱلشَّفَاعَةُ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ ٱلرَّحْمَـٰنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً } * { يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً } * { وَعَنَتِ ٱلْوُجُوهُ لِلْحَيِّ ٱلْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً } * { وَمَن يَعْمَلْ مِنَ ٱلصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلاَ يَخَافُ ظُلْماً وَلاَ هَضْماً } * { وَكَذٰلِكَ أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ ٱلْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً } * { فَتَعَٰلَى ٱللَّهُ ٱلْمَلِكُ ٱلْحَقُّ وَلاَ تَعْجَلْ بِٱلْقُرْءانِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَىٰ إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً }

قوله تعالى: { ويسألونك عن الجبال } سبب نزولها أن رجالاً من ثقيف أتَوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا يا محمد: كيف تكون الجبال يوم القيامة؟ فنزلت هذه الآية، رواه أبو صالح عن ابن عباس.

قوله تعالى: { فقل ينسفها ربي نسفاً } قال المفسرون: النسف: التذرية. والمعنى: يصيِّرها رِمالاً تسيل سيلاً. ثم يصيِّرها كالصوف المنفوش، تطيِّرها الرياح فتستأصلها { فيذرها } أي: يدَع أماكنها من الأرض إِذا نسفها { قاعاً } قال ابن قتيبة: القاع من الأرض: المستوي الذي يعلوه الماء، والصفصف: المستوي أيضاً، يريد: أنه لا نبت فيها.

قوله تعالى: { لا ترى فيها عِوَجاً ولا أَمْتاً } في ذلك ثلاثة أقوال.

أحدها: أن المراد بالعِوَج: الأودية، وبالأمَتْ: الرَّوابي، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس، وكذلك قال مجاهد: العِوَج: الانخفاض، والأمَتْ: الارتفاع، وهذا مذهب الحسن. وقال ابن قتيبة: الأمَتْ: النَّبَك.

والثاني: أن العِوَج: المَيْل، والأَمْت: الأثَرَ مثل الشِّراك، رواه العوفي عن ابن عباس.

والثالث: أن العِوَج: الصدع، والأَمْت: الأَكَمة.

قوله تعالى: { يومئذ يَتَّبعون الداعي } قال الفراء: أي: يتَّبعون صوت الداعي للحشر، لا عِوَج لهم عن دعائه: لا يقدرون أن لا يتَّبِعوا.

قوله تعالى: { وخَشَعَت الأصوات } أي: سكنت وخفيت { فلا تَسْمَعُ إِلاّ هَمْساً } وفيه ثلاثة أقوال.

أَحدها: وطْء الأقدام، رواه العوفي عن ابن عباس، وبه قال الحسن، وسعيد بن جبير، وعكرمة، ومجاهد في رواية، واختاره الفراء، والزجاج.

والثاني: تحريك الشفاه بغير نطق، رواه سعيد بن جيير عن ابن عباس.

والثالث: الكلام الخفيّ، روي عن مجاهد. وقال أبو عبيدة: الصوت الخفيّ.

قوله تعالى: { يومئذ لا تَنْفَع الشفاعة } يعني: لا تنفع أحداً { إِلا من أَذِنَ له الرحمن } أي: إِلا شفاعة من أَذِن له الرحمن، أي: أَذِن أن يُشْفَع له، { ورضي له قولاً } أي: ورضي للمشفوع فيه قولاً، وهو الذي كان في الدنيا من أهل «لا إِله إِلا الله». { يعلم ما بين أيديهم } الكناية راجعة إِلى الذين يتَّبعون الداعي. وقد شرحنا هذه الآية في سورة [البقرة: 255].

وفي هاء «به» قولان.

أحدهما: أنها ترجع إِلى الله تعالى، قاله مقاتل.

والثاني: إِلى «ما بين أيديهم وما خلفهم»، قاله ابن السائب.

قوله تعالى: { وعَنَتِ الوجوه } قال الزجاج: «عَنَتْ» في اللغة: خضعت، يقال: عنا يعنو: إِذا خضع، ومنه قيل: أُخِذتْ البلاد عَنْوَةً: إِذا أُخذتْ غَلَبة، وأُخذتْ بخضوع من أهلها. والمفسرون: على أن هذا في يوم القيامة، إِلا ما روي عن طلق بن حبيب: هو وضع الجبهة والأنف والكفّين والرُّكبتين وأطراف القدمين على الأرض للسجود. وقد شرحنا في آيةالكرسي معنىالحي القيوم } [البقرة: 255].

قوله تعالى: { وقد خاب مَنْ حَمَلَ ظُلْماً } قال ابن عباس: خَسِر من أشرك بالله.

السابقالتالي
2