الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ مَن كَانَ عَدُوّاً لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَىٰ قَلْبِكَ بِإِذْنِ ٱللَّهِ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ } * { مَن كَانَ عَدُوّاً للَّهِ وَمَلاۤئِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَٰلَ فَإِنَّ ٱللَّهَ عَدُوٌّ لِّلْكَافِرِينَ } * { وَلَقَدْ أَنْزَلْنَآ إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَآ إِلاَّ ٱلْفَاسِقُونَ }

قوله تعالى: { قل من كان عدواً لجبريل } قال ابن عباس: أقبلت اليهود إلى النبي، صلى الله عليه وسلم فقالوا: من يأتيك من الملائكة؟ قال: جبريل: فقالوا: ذاك ينزل بالحرب والقتال، ذاك عدونا، فنزلت هذه الآية والتي تليها.

وفي جبريل إحدى عشرة لغة.

إحداها: جبريل، بكسر الجيم والراء من غير همز، وهي لغة أهل الحجاز، وبها قرأ ابن عامر، وأبو عمرو. قال ورقة بن نوفل:
وجبريل يأتيه وميكال معْهما   من الله وحي يشرح الصدر منزل
وقال عمران بن حطان:
والروح جبريل فيهم لا كفاء له   وكان جبريل عند الله مأمونا
وقال حسان:
و جبريلٌ رسول الله فينا   وروح القدس ليس له كفاء
واللغة الثانية: جَبريل بفتح الجيم وكسر الراء، وبعدها ياء ساكنة من غير همز على وزن: فَعليل، وبها قرأ الحسن البصري، وابن كثير، وابن محيصن. وقال الفراء: لا أشتهيها، لأنه ليس في الكلام فَعليل، ولا أرى الحسن قرأها إلا وهو صواب، لأنه اسم أعجمي.

والثالثة: جَبرئيل: بفتح الجيم والراء، وبعدها همزة مكسورة على وزن: جَبرعيل، وبها قرأ الأعمش، وحمزة، والكسائي، قال الفراء: وهي لغة تميم وقيس، وكثير من أهل نجد. وقال الزجاج: هي أجود اللغات، وقال جرير:
عبدوا الصليب وكذّبوا بمحمدٍ   وبجبرئيل وكذَّبوا ميكالا.
والرابعة: جَبرئِل، بفتح الجيم والراء وهمزة بين الراء واللام، مكسورة من غير مد، على وزن جَبرعِل، رواها أبو بكر عن عاصم.

والخامسة: جَبرئِلّ، بفتح الجيم وكسر الهمزة وتشديد اللام، وهى قراءة أبان عن عاصم ويحيى بن يعمر.

والسادسة: جبرائيل، بهمزة مكسورة بعدها ياء مع الألف.

والسابعة: جبراييل، بيائين بعد الألف أولاهما مكسورة.

والثامنة: جَبرين، بفتح الجيم ونون مكان اللام.

والتاسعة: جِبرين، بكسر الجيم وبنون، قال الفراء: هي لغة بني أسد. وقرأت على شيخنا أبي منصور اللغوي عن ابن الأنباري قال: في جبريل تسع لغات، فذكرهنَّ.

وذكر ابن الأنباري في كتاب «الرد على من خالف مصحف عثمان»: جبرائل، بفتح الجيم وإثبات الألف مع همزة مكسورة ليس بعدها ياء. وجبرئين، بفتح الجيم مع همزة مكسورة بعدها يا ونون.

فأما ميكائيل، ففيه خمس لغات.

إحداهن: ميكال مثل: مِفعال بغير همز، وهي لغة أهل الحجاز، وبها قرأ أبو عمرو وحفص عن عاصم.

والثانية: ميكائيل باثبات ياء ساكنة بعد الهمزة. مثل: ميكاعيل، وهي لغة تميم وقيس، وكثير من أهل نجد، وبها قرأ ابن عامر، وابن كثير، وحمزة، والكسائي، وأبو بكر عن عاصم.

والثالثة: ميكائل بهمزة مكسورة بعد الألف من غير ياء مثل، ميكاعِل، وبها قرأ نافع وابن شنبوذ، وابن الصباح، جميعاً عن قنبل.

والرابعة: ميكئل، على وزن ميكعل، وبها قرأ ابن محيصن.

والخامسة: ميكائين بهمزة معها ياء ونون بعد الألف، ذكرها ابن الأنباري. قال الكسائي: جبريل وميكائيل، اسمان لم تكن العرب تعرفهما، فلما جاءا عرَّبتهما. قال ابن عباس، جبريل وميكائيل، كقولك: عبد الله، وعبد الرحمن، ذهب إلى أن «إِيل» اسم الله، واسم الملك «جبر» «وميكا» وقال عكرمة: معنى جبريل: عبد الله، ومعنى ميكائيل: عبيد الله. وقد دخل جبريل وميكائيل في الملائكة، لكنه أعاد ذكرهما لشرفهما، كقوله تعالى:فيهما فاكهة ونخل ورمان } [الرحمن: 68] وإنما قال: { فان الله عدو للكافرين } ولم يقل: لهم، ليدل على أنهم كافرون بهذه العداوة.