الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لاَ يَعْلَمُونَ ٱلْكِتَابَ إِلاَّ أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ }

قوله تعالى: { ومنهم أُمِّيُّون } يعنى: اليهود. والأمي: الذي لا يكتب ولا يقرأ، قاله مجاهد. وفي تسميته بالأمي قولان. أحدهما: لأنه على خلقة الأمة التي لم تتعلم الكتاب، فهو على جبلته، قاله الزجاج. والثاني: أنه ينسب إلى أمه، لأن الكتابة في الرجال كانت دون النساء. وقيل: لأنه على ما ولدته أمه.

قوله تعالى: { لا يعلمون الكتاب } قال قتادة: لا يدرون ما فيه.

قوله تعالى: { إِلا أمانيَّ } جمهور القراء على تشديد الياء، وقرأ الحسن، وأبو جعفر، بتخفيف الياء، وكذلك:تلك أمانيهم } [البقرة:111 ] وليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب } [النساء:123]في أمنيته } [الحج: 52]وغرتكم الأماني } [الحديد: 14] كله بتخفيف الياء وكسر الهاء من «أمانيهم». ولا خلاف في فتح ياء «الأماني».

وفي معنى الكلام ثلاثة أقوال.

أحدها: أنها الأكاذيب. قال ابن عباس: إلا أمانيَّ: يريد إلا قولاً يقولونه بأفواههم كذباً. وهذا قول مجاهد واختيار الفراء. وذكر الفراء أن بعض العرب قال لابن دأب وهو يحدث: أهذا شيء رويته، أم شيء تمنّيته؟ يريد: افتعلته؟.

والثاني: أن الأماني: التلاوة، فمعناه: لا يعلمون فقه الكتاب، إنما يقتصرون على ما يسمعونه يتلى عليهم. قال الشاعر:
تمنى كتاب الله أول ليلة   تمنيَ داود الزبور على رسل
وهذا قول الكسائي والزجاج.

والثالث: أنها أمانيهم على الله، قاله قتادة.

قوله تعالى: { وإِن هم إِلا يظنون } قال مقاتل: ليسوا على يقين، فان كذب الرؤساء أو صدقوا، تابعوهم.