الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُواْ لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ ٱللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ }

في المخاطبين بهذه الآية ثلاثة أقوال. أحدها: أنه النبي صلى الله عليه وسلم، خاصة، قاله ابن عباس ومقاتل. والثاني: أنه المؤمنون، تقديره: أفتطمعون أن تصدقوا نبيكم، قاله أبو العالية وقتادة. والثالث: أنهم الأنصار، فانهم لما أسلموا أحبوا إسلام اليهود للرضاعة التي كانت بينهم، ذكره النقاش. قال الزجاج: وألف «أفتطمعون» ألف استخبار، كأنه آيسهم من الطمع في إيمانهم.

وفي سماعهم لكلام الله قولان. أحدهما: أنهم قرؤوا التوراة فحرّفوها، هذا قول مجاهد والسدي في آخرين، فيكون سماعهم لكلام الله بتبليغ نبيهم، وتحريفهم: تغيير ما فيها. والثاني: أنهم السبعون الذين اختارهم موسى، فسمعوا كلام الله كفاحاً عند الجبل، فلما جاؤوا إلى قومهم قالوا: قال لنا: كذا وكذا، وقال في آخر قوله: إن لم تستطيعوا ترك ما أنهاكم عنه؛ فافعلوا ما تستطيعون. هذا قول مقاتل، والأول أصح. وقد أنكر بعض أهل العلم، منهم الترمذي صاحب «النوادر» هذا القول إِنكاراً شديداً، وقال: إنما خص بالكلام موسى وحده، وإلا فأي ميزة؟! وجعل هذا من الأحاديث التي رواها الكلبي وكان كذاباً.

ومعنى { عقلوه }: سمعوه ووَعوْه.

وفي قوله تعالى: { وهم يعلمون } قولان. أحدهما: وهم يعلمون أنهم حرّفوه.

والثاني: وهم يعلمون عقاب تحريفه.