الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَٱدَّارَأْتُمْ فِيهَا وَٱللَّهُ مُخْرِجٌ مَّا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ }

قوله تعالى: { وإِذ قتلتم نفساً } هذه الآية مؤخرة في التلاوة، مقدمة في المعنى، لأن السبب في الأمر بذبح البقرة قتل النفس، فتقدير الكلام: وإِذ قتلتم نفساً فادّارأتم فيها، فسألتم موسى فقال: { إِن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة } ونظيرها قوله تعالى:ولم يجعل له عوجاً قيماً } [الكهف:1] أراد: أنزل الكتاب قيماً، ولم يجعل له عوجاً، فأخر المقدم وقدم المؤخر، لأنه من عادة العرب. قال الفرزدق:
إِن الفرزدق صخرة ملمومة   طالت فليس تنالها الأوعالا
أراد: طالت الأوعالَ. وقال جرير:
طاف الخيال وأين منك لماما   فارجع لزورك بالسلام سلاماً
أراد: طاف الخيال لماماً، وأين هو منك؟ وقال الآخر:
خير من القوم العصاة أَميرهم   - يا قوم فاستحيوا - النساء الجلَّس
أراد: خير من القوم العصاة النساء، فاستحيوا من هذا.

ومعنى قوله: { فادارأتم }: اختلفتم، قاله ابن عباس ومجاهد. وقال الزجاج: ادّارأتم، بمعنى: تدارأتم أي: تدافعتم، وألقى بعضكم على بعض، تقول: درأت فلاناً: إذا دفعته، وداريته: إذا لاينته، ودريته إذا ختلته، فأدغمت التاء في الدال، لأنهما من مخرج واحد، فأما الذي كتموه؛ فهو أمر القتيل.