الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ قُلْتُمْ يَٰمُوسَىٰ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّىٰ نَرَى ٱللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ ٱلصَّٰعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنظُرُونَ } * { ثُمَّ بَعَثْنَٰكُم مِّن بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }

في القائلين لموسى ذلك قولان. أحدهما: أنهم السبعون المختارون، قاله ابن مسعود وابن عباس. والثاني: جميع بني إِسرائيل إلا من عصم الله منهم، قاله ابن زيد، قال: وذلك أنه أتاهم بكتاب الله، فقالوا: والله لا نأخذ بقولك حتى نرى الله جهرة؛ فيقول: هذا كتابي. وفي «جهرة» قولان. أحدهما: أنه صفة لقولهم، أي: جهروا بذلك القول، قاله ابن عباس، وأبو عبيدة. والثاني: أنها الرؤية البينة، أي: أرناه غير مستتر عنا بشيء، يقال: فلان يتجاهر بالمعاصي، أي: لا يستتر من الناس، قاله الزجاج. ومعنى «الصاعقة»: ما يصعقون منه، أي: يموتون. ومن الدليل على أنهم ماتوا، قوله تعالى: { ثم بعثناكم } هذا قول الأكثرين. وزعم قوم أنهم لم يموتوا، واحتجوا بقوله تعالى: { وخر موسى صعقاً } وهذا قول ضعيف، لأن الله تعالى فرق بين الموضعين، فقال هناك: { فلما أفاق } وقال هاهنا: { ثم بعثناكم } والإفاقة للمغشي عليه، والبعث للميت.

قوله تعالى: { وأنتم تنظرون } فيه ثلاثة أقوال. أحدها: أن معناه ينظر بعضكم إلى بعض كيف يقع ميتاً. والثاني: ينظر بعضكم إِلى إِحياء بعض. والثالث: تنظرون العذاب كيف ينزل بكم، وهو قول من قال: نزلت نار فأحرقتهم.