الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ نَجَّيْنَٰكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوۤءَ ٱلْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَآءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَآءَكُمْ وَفِي ذَٰلِكُمْ بَلاۤءٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ }

تقديره: واذكروا إذ نجيناكم، وهذه النعم على آبائهم كانت. وفي آل فرعون ثلاثة أقوال. أحدها: أنهم أهل مصر، قاله مقاتل. والثاني: أهل بيته خاصة، قاله أبو عبيدة. والثالث: أتباعه على دينه، قاله الزجاج. وهل الآل والأهل بمعنى، أو يختلفان؟ فيه قولان: وقد شرحت معنى الآل في كتاب «النظائر» وفرعون: اسم أعجمي، وقيل: هو لقبه. وفي اسمه أربعة أقوال.

أحدها: الوليد بن مصعب، قاله الأكثرون. والثاني: فيطوس، قاله مقاتل. والثالث: مصعب بن الريان، حكاه ابن جرير الطبري. والرابع: مغيث، ذكره بعض المفسرين.

قوله تعالى: { يسومونكم } أي: يولونكم. يقال: فلان يسومك خسفاً، أي: يوليك ذلاً واستخفافاً. وسوء العذاب: شديده. وكان الزجاج يرى أن قوله: { يذبحون أبناءكم } تفسير لقوله { يسومونكم سوء العذاب } ، وأبى هذا بعض أهل العلم فقال: قد فرق الله بينهما في موضع آخر، فقال:يسومونكم سوء العذاب ويذبحون أبناءكم } [إبراهيم:6] وإنما سوء العذاب: استخدامهم في أصعب الأعمال، وقال: الفراء: الموضع الذي طرحت فيه الواو، تفسير لصفات العذاب، والموضع الذي فيه الواو، يبين أنه قد مسهم من العذاب غير الذبح، فكأنه قال: يعذبونكم بغير الذبح وبالذبح.

قوله تعالى: { ويستحيون نساءكم } أي: يستبقون نساءكم، أي: بناتكم. وإنما استبقوا نساءهم للاستذلال والخدمة.

وفي البلاء هاهنا قولان. أحدهما: أنه بمعنى النعمة، قاله ابن عباس ومجاهد وأبو مالك، وابن قتيبة والزجاج. والثاني: أنه النقمة، رواه السدي عن أشياخه. فعلى هذا القول يكون «ذا» في قوله تعالى: { ذلكم } عائداً على سومهم سوء العذاب، وذبح أبنائهم واستحياء نسائهم، وعلى القول الأول يعود على النجاة من آل فرعون. قال أبو العالية: وكان السبب في ذبح الأبناء، أن الكهنة قالت لفرعون: سيولد العام بمصر غلام يكون هلاكك على يديه، فقتل الأبناء. قال الزجاج: فالعجب من حمق فرعون، إن كان الكاهن عنده صادقا، فما ينفع القتل؟! وإن كان كاذباً؛ فما معنى القتل؟!