قوله تعالى: { فلما فصل طالوت بالجنود } أي: خرج وشخص. وفي عدد من خرج معه ثلاثة أقوال. أحدها: سبعون ألفاً، قاله ابن عباس. والثاني: ثمانون ألفاً، قاله عكرمة والسدي. والثالث: مائة ألف، قاله مقاتل. قال: وساروا في حر شديد، فابتلاهم الله بالنهر. والابتلاء: الاختبار. وفي النهر لغتان: إحداهما: تحريك الهاء، وهي قراءة الجمهور، والثاني: تسكينها، وبها قرأ الحسن ومجاهد، وفي هذا النهر قولان. أحدهما: أنه نهر فلسطين قاله ابن عباس والسدي، والثاني: نهر بين الأردن وفلسطين، قاله عكرمة، وقتادة، والربيع بن أنس، ووجه الحكمة في ابتلائهم به أن يعلم طالوت من له نية في القتال منهم ومن ليس له نية. قوله تعالى: { ليس مني } أي ليس من أصحابي. قوله تعالى: { إِلا من اغترف غُرفةً } قرأ ابن كثير ونافع، وأبو عمرو، «غَرفة» بفتح الغين، وقرأ ابن عامر، وعاصم، وحمزة، والكسائي بضمها، قال الزجاج: من فتح الغين، أراد المرة الواحدة باليد، ومن ضمها، أراد ملء اليد. وزعم مقاتل أن الغرفة كان يشرب منها الرجل، ودابته، وخدمه ويملأ قربته. وقال بعض المفسرين: لم يرد به غرفة الكف، وإنما أراد المرة الواحدة بقربة أو جرة، أو ما أشبه ذلك. وفي عدد القليل الذين لم يشربوا إلا غرفة قولان. أحدهما: أنهم أربعة آلاف، قاله عكرمة والسدي. والثاني: ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا، وهو الصحيح، لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قاله لأصحابه يوم بدر: " أنتم بعدة أصحاب طالوت يوم لقاء جالوت " وكانوا يوم بدر ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا. قوله تعالى: { لا طاقة لنا } أي: لا قوة لنا، قال الزجاج: يقال: أطقت الشيء إطاقة وطاقة، وطوقاً، مثل قولك: أطعته إطاعة وطاعة وطوعاً. واختلفوا في القائلين لهذا على ثلاثة أقوال أحدها: أنهم الذين شربوا أكثر من غرفة، فإنهم انصرفوا، ولم يشهدوا، وكانوا أهل شك ونفاق، قاله ابن عباس، والسدي. والثاني: أنهم الذين قلت بصائرهم من المؤمنين، قاله الحسن، وقتادة، وابن زيد. والثالث: أنه قول الذين جاوزوا معه، وإنما قال ذلك بعضهم لبعض، لما رأوا من قلتهم، وهذا اختيار الزجاج. قوله تعالى { قال الذين يظنون } في هذا الظن قولان. أحدهما: أنه بمعنى اليقين، قاله السدي في آخرين. والثاني: أنه الظن الذي هو التردد، فان القوم توهموا لقلة عددهم أنهم سيقتلون فيلقون الله، قاله الزجاج في آخرين. وفي الظانين هذا الظن قولان. أحدهما: أنهم الثلاثمائة والثلاثة عشر، قالوا للراجعين: كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة، قاله السدي. والثاني: أنهم أُولو العزم والفضل من الثلاثمائة والثلاثة عشر. والفئة: الفرقة، قال الزجاج: وإنما قيل لهم: فئة من قولهم: فأوت رأسه بالعصا، وفأيته: إذا شققته. قوله تعالى: { باذن الله } قال الحسن: بنصر الله. قوله تعالى: { والله مع الصابرين } أي: بالنصر والإعانة.