قوله تعالى: { الطلاق مرتان } سبب نزولها، أن الرجل كان يطلق امرأته، ثم يراجعها ليس لذلك شيء ينتهي إليه، فقال رجل من الأنصار لامرأته: والله لا أؤيك إليَّ أبداً ولا أدعك تحلِّين مني. فقالت: كيف ذلك؟ قال: أطلقك، فاذا دنا أجلك، راجعتك، فذهبتْ إلى النبي صلى الله عليه وسلم، تشكو إليه ذلك، فنزلت هذه الآية، فاستقبلها الناس [جديداً] من كان طلق، ومن لم يكن طلق. رواه هشام بن عروة عن أبيه. فأما التفسير، ففي قوله تعالى: { الطلاق مرتان } قولان. أحدهما: أنه بيان لسنَّة الطلاق، وأن يوقع في كل قرءٍ طلقة، قاله ابن عباس، ومجاهد. والثاني: أنه بيان للطلاق الذي يملك معه الرجعة، قاله عروة، وقتادة، وابن قتيبة، والزجاج في آخرين. قوله تعالى: { فإمساك بمعروف } معناه: فالواجب عليكم إمساك بمعروف، وهو ما يعرف من إقامة الحق في إمساك المرأة. وقال عطاء، ومجاهد، والضحاك، والسدي: المراد بقوله تعالى: { فإمساك بمعروف }: الرجعة بعد الثانية. وفي قوله تعالى: { أو تسريح بإحسان } قولان. أحدهما: أن المراد به: الطلقة الثالثة، قاله عطاء، ومجاهد، ومقاتل. والثاني: أنه الإمساك عن رجعتها حتى تنقضي عدتها، قاله الضحاك، والسدي. قال: القاضي أبو يعلى محمد بن الحسين بن الفراء: وهذا هو الصحيح، أنه قال عقيب الآية: { فان طلقها فلا تحل له من بعدُ حتى تنكح زوجاً غيره } والمراد بهذه الطلقة: الثالثة بلا شك، فيجب إذن أن يحمل قوله تعالى: { أو تسريح باحسان } على تركها حتى تنقضي عدتها، لأنه إن حمل على الثالثة، وجب أن يحمل قوله تعالى: { فان طلقها } على رابعة، وهذا لا يجوز. فصل الطلاق على أربعة أضرب: واجب، ومندوب إليه، ومحظور، ومكروه. فالواجب: طلاق المؤلي بعد التربص، إذا لم يفئ، وطلاق الحكمين في شقاق الزوجين، إذا رأيا الفرقة. والمندوب: إذا لم يتفقا، واشتدَّ الشقاق بينهما، ليتخلصا من الإثم. والمحظور: في الحيض، إذا كانت مدخولاً بها، وفي طهر جامعها فيه قبل أن تطهر. والمكروه: إذا كانت حالهما مستقيمة، وكل واحد منهما قيم بحق صاحبه. قوله تعالى: { ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً } " نزلت في ثابت بن قيس بن شمَّاس، أتت زوجته إلى النبي، صلى الله عليه وسلم، فقالت: والله ما أعيب على ثابت في دين ولا خلق، ولكني [أكره الكفر في الإسلام] لا أطيقه بغضاً. فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: «أتردّين عليه حديقته؟». قالت: نعم. فأمره النبي صلى الله عليه وسلم، أن يأخذها، ولا يزداد " رواه عكرمة عن ابن عباس واختلفوا في اسم زوجته، فقال ابن عباس: جميلة. ونسبها يحيى ابن أبي كثير، فقال: جميلة بنت عبد الله بن أبيّ بن سلول، وكناها مقاتل، فقال: أم حبيبة بنت عبد الله ابن أبيّ.