قوله تعالى: { كان الناس أمةً واحدةً } في المراد بـ «الناس» هاهنا ثلاثة أقوال. أحدها: جميع بني آدم، وهو قول الجمهور. والثاني: آدم وحده، قاله مجاهد. قال ابن الأنباري، وهذا الوجه جائز، لأن العرب توقع الجمع على الواحد. ومعنى الآية: كان آدم ذا دين واحد، فاختلف ولده من بعده. والثالث: آدم وأولاده كانوا على الحق، فاختلفوا حين قتل قابيلُ هابيلَ. ذكره ابن الأنباري. والأمَّة هاهنا: الصنف الواحد على مقصد واحد. وفي ذلك المقصد الذي كانوا عليه قولان. أحدهما: أنه الإسلام قاله أبيّ بن كعب، وقتادة، والسدّي، ومقاتل. والثاني: أنه الكفر. رواه عطية عن ابن عباس. ومتى كان ذلك. فيه خمسة أقوال أحدها: أنه حين عرضوا على آدم، وأقروا بالعبودية. قاله أبيّ بن كعب. والثاني: في عهد إبراهيم كانوا كفاراً. قاله ابن عباس. والثالث: بين آدم ونوح، وهو قول قتادة. والرابع: حين ركبوا السفينة، كانوا على الحق. قاله مقاتل. والخامس: في عهد آدم. ذكره ابن الأنباري. { فبعث الله النبيين مبشرين } بالجنة و { منذرين } بالنار. هذا قول الأكثرين. وقال بعض السلف: مبشرين لمن آمن بك يا محمد، ومنذرين لمن كذبك. { وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس } والكتاب: اسم جنس، كما تقول: كثر الدرهم في أيدي الناس. وذكر بعضهم أنه في التوراة. وفي المراد بالحق ههنا قولان. أحدهما: أنه بمعنى الصدق والعدل. والثاني: أنه القضاء فيما اختلفوا فيه { ليحكم بين الناس } في الحاكم هاهنا ثلاثة أقوال. أحدها: أنه الله تعالى. والثاني: أنه النبي الذي أنزل عليه الكتاب، والثالث: الكتاب، كقوله تعالى:{ هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق } [الجاثية:29]. وقرأ أبو جعفر: «ليُحكَم» بضم الياء وفتح الكاف. وقرأ مجاهد «لتحكم» بالتاء على الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم. قوله تعالى: { فيما اختلفوا فيه } يعني: الدين. قوله تعالى: { وما اختلف فيه } في هذه الهاء ثلاثة أقوال. أحدها: أنها تعود إلى محمد صلى الله عليه وسلم قاله ابن مسعود، والثاني: إلى الدين، قاله مقاتل. والثالث: إلى الكتاب، قاله أبو سليمان الدمشقي. فأما هاء «أوتوه» فعائدة على الكتاب من غير خلاف. وقال الزجاج: ونصب «بغياً» على معنى المفعول له، فالمعنى: لم يوقعوا الاختلاف إلا للبغي، لأنهم عالمون بحقيقة الأمر في كتبهم. وقال الفراء: في اختلافهم وجهان. أحدهما: كفر بعضهم بكتاب بعض. والثاني: تبديل ما بدلوا. قوله تعالى: { فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه } أي: لمعرفة ما اختفلوا فيه، أو تصحيح ما اختلفوا فيه. وفي الذي اختلفوا فيه ستة أقوال. أحدها: أنه الجمعة، جعلها اليهود السبت، والنصارى الأحد، فروى البخاري ومسلم في «الصحيحين»، من حديث أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: