الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ ٱلْخَوْفِ وَٱلْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ ٱلأَمَوَالِ وَٱلأَنفُسِ وَٱلثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ ٱلصَّابِرِينَ } * { ٱلَّذِينَ إِذَآ أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا للَّهِ وَإِنَّـآ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ }

قوله تعالى: { ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال }

قال الفراء: «من» تدل على أن لكل صنف منها شيئاً مضمراً، فتقديره: بشيء من الخوف، وشيء من الجوع، و شيء من نقص الأموال.

وفيمن أُريد في هذه الآية أربعة أقوال. أحدها: أنهم أصحاب النبي خاصة، قاله عطاء. والثاني: أنهم أهل مكة. والثالث: أن هذا يكون في آخر الزمان. قال كعب: يأتي على الناس زمان لا تحمل النخلة إلا تمرة. والرابع: أن الآية على عمومها.

فأما الخوف؛ فقال ابن عباس: وهو الفزع في القتال. والجوع: المجاعة التي أصابت أهل مكة سبع سنين. ونقص من الأموال: ذهاب أموالهم، والأنفس بالموت والقتل الذي نزل بهم، والثمرات لم تخرج كما كانت تخرج. وحكى أبو سليمان الدمشقي عن بعض أهل العلم: أن الخوف في الجهاد، والجوع في فرض الصوم، ونقص الأموال: ما فرض فيها من الزكاة والحج، ونحو ذلك. والأنفس: ما يستشهد منها في القتال، والثمرات: ما فرض فيها من الصدقات. { وبشر الصابرين } على هذه البلاوي بالجنة.

واعلم أنه إنما أخبرهم بما سيصيبهم، ليوطنوا أنفسهم على الصبر، فيكون ذلك أبعد لهم من الجزع. { قالوا: إنا لله } يريدون: نحن عبيده يفعل بنا ما يشاء { وإنا إِليه راجعون } يريدون: نحن مقرّون بالبعث والجزاء على أعمالنا، والثواب على صبرنا. قال سعيد بن جبير: لقد أعطيت هذه الأمة عند المصيبة شيئاً لم يعطه الأنبياء قبلهم { الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إِنا لله وإِنا إِليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة }. ولو أعطيها الأنبياء لأعطيها يعقوب، ألم تسمع إِلى قوله { يا أسفى على يوسف } قال الفراء: وللعرب في المصيبة ثلاث لغات: مصيبة، ومصابة، ومصوبة، زعم الكسائي أنه سمع أعرابياً يقول: جبر الله مصوبتك.