الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ ٱلْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَىٰ تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ } * { بَلَىٰ مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ للَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ }

قوله تعالى: { وقالوا لن يدخل الجنة إِلا من كان هوداً أو نصارى }

قال ابن عباس: اختصم يهود المدينة ونصارى نجران عند النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت اليهود: ليست النصارى على شيء، ولا يدخل الجنة إلا من كان يهودياً، وكفروا بالإنجيل وعيسى. وقالت النصارى: ليست اليهود على شيء، وكفروا بالتوراة وموسى؛ فقال الله تعالى: { تلك أمانيهم }.

واعلم أن الكلام في هذه الآية مجمل، ومعناه: قالت اليهود: لن يدخل الجنة إلا من كان هوداً، وقالت النصارى لن يدخل الجنة إِلا من كان نصرانياً. والهود، جمع: هائد { تلك أَمانيهم } أي: ذاك شيء يتمنونه، وظن يظنونه، هذا معنى قول ابن عباس، ومجاهد. { قال هاتوا برهانكم } أي: حجتكم إن كنتم صادقين بأن الجنة لا يدخلها إلى من كان هوداً أو نصارى. ثم بين تعالى بأنه ليس كما زعموا فقال: { بلى من أسلم وجهه } وأسلم، بمعنى: أخلص. وفي الوجه قولان. أحدهما: أنه الدين. والثاني: العمل.

قوله تعالى: { وهو محسن } أي: في عمله؛ { فله أجره } قال الزجاج: يريد: فهو يدخل الجنة.

قوله تعالى: { وهم يتلون الكتاب } أي: كل منهم يتلو كتابه بتصديق ما كفر به، قاله السدي، وقتادة. { كذلك قال الذين لا يعلمون } وفيهم قولان. أحدهما: أنهم مشركو العرب قالوا لمحمد وأصحابه: لستم على شيء، قاله السدي عن أشياخه. والثاني: أنهم أمم كانوا قبل اليهود والنصارى، كقوم نوح، وهود، وصالح، قاله عطاء.

قوله تعالى: { فالله يحكم بينهم يوم القيامة } قال الزجاج: يريد حكم الفصل بينهم، فيريهم من يدخل الجنة عياناً [ومن يدخل النار عياناً] فأما الحكم بينهم في العقد فقد بينه لهم في الدنيا بما أقام على الصواب من الحجج.